غرف الصناعة التقليدية على صفيح ساخن.. التعيين المفاجئ للسعدي يعمق الأزمة

حسين العياشي
يتجه ملف غرف الصناعة التقليدية نحو مزيد من التعقيد، بعد أن اختارت النقابات الممثلة للموظفين رفع سقف المواجهة مع كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، لحسن السعدي، متهمة إياه بإدارة النقاش حول النظام الأساسي الجديد للغرف في أجواء من التعتيم والتكتم، مع إقصاء الطرف الأهم في المعادلة: الموظفون أنفسهم. فهل سيربح هذه المعركة؟
يستعد السعدي لعقد لقاء يوم 28 شتنبر الجاري، للمصادقة على الصيغة النهائية للنظام، وهو لقاء تصفه مصادر نقابية بـ”مغلق ويفتقد لأي ضمانات للشفافية والإشراك الفعلي”. الموظفون، الذين خاضوا خلال الأشهر الماضية أشكالًا احتجاجية متعددة، يؤكدون أن الحكومة ـ عبر ممثلها في القطاع ـ تواصل تجاهل مطالبهم العادلة، وعلى رأسها إخراج نظام أساسي منصف يحفظ الحقوق المهنية والأجرية، ويضع حدًا لحالة الهشاشة الإدارية والاجتماعية التي يعيشها جزء واسع من الشغيلة.
وتحذر النقابات من أن أي محاولة لتمرير نص تنظيمي، لا يحظى بقبول العاملين ستكون بمثابة “ولادة لقيط بلا شرعية اجتماعية”، ملوحة بالتصعيد في الشارع والإدارة على حد سواء.
مصادر من داخل القطاع تشير، إلى أن السعدي يبدو وكأنه لا يزال تحت وطأة الانتشاء بتعيينه المفاجئ ككاتب دولة، أكثر من انخراطه في معالجة ملفات واقعية ومعقدة تراكمت لسنوات. وتضيف أن تعاطيه مع ورش إصلاح الغرف يطغى عليه الطابع الاحتفالي والشعارات العامة أكثر من النقاش المؤسس على معطيات دقيقة، ما جعل الموظفين يشعرون بأنهم أمام مسؤول بعيد عن نبض القطاع ويفتقد الخبرة الكافية لقيادة إصلاح مصيري.
وفي بيان مشترك، شددت النقابة الديمقراطية لموظفي غرف الصناعة التقليدية التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة الوطنية التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على أن السعدي يتحمل المسؤولية الكاملة عن حالة الاحتقان، محذرتين من أن استمرار سياسة “الآذان الصماء” سيدفع إلى خطوات نضالية أشد حدة. ودعت النقابتان إلى فتح حوار جاد ومسؤول يفضي إلى اتفاق يحافظ على الكرامة المهنية والإدارية للشغيلة، ويصحح الاختلالات في الأجور والترقيات والعدالة الجبائية.
ولا يعد الجدل حول غرف الصناعة التقليدية حديث العهد، فقد حاولت الحكومات السابقة الدفع بإصلاحات في هذا الورش، إلا أن غياب إشراك فعلي للموارد البشرية جعل جميع المحاولات تصطدم بالرفض وتظل حبيسة الرفوف. اليوم، يتكرر المشهد نفسه مع لحسن السعدي، في وقت يطالب فيه الموظفون بـ وقف الالتفاف على المطالب والانتقال إلى إصلاح حقيقي يضع الإنسان في قلب العملية.
وبينما يترقب موظفو الغرف لقاء 28 شتنبر بريبة كبيرة، تتنامى المخاوف من أن يؤدي تمرير النظام الأساسي دون توافق إلى موجة احتجاجات جديدة قد تشل عمل المؤسسات، في وقت تحتاج فيه الصناعة التقليدية إلى استقرار إداري ومؤسساتي أكثر من أي وقت مضى، لمواجهة تحديات التنافسية والتسويق الدولي ودعم الحرفيين الذين يشكلون عصب هذا القطاع العريق.





