عاجل: أخنوش يُصابُ بالبُكم!

إعلام تيفي _ أشرف بلمودن

بعد مرور 48 ساعة على خروج آلاف الشباب إلى شوارع الرباط والدار البيضاء وسوق السبت وتيسة وطنجة وأكادير وعدد من مدن المملكة، هاتفين بشعارات صارت لازمة: “الصحة أولاً ما بغيناش كأس العالم”، “لا صحة لا تعليم”، “حرية كرامة عدالة اجتماعية”، بينما الألتراس من المدرجات ينشدون: “فيق يا المسؤول.. سمع الشعب شنو كايقول”… ظلّ رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، غائباً عن المشهد.

الرجل ابتلع لسانه وأصيب ببُكم سياسي، وكأن الاحتجاجات وقعت في كوكب آخر لا علاقة له بالحكومة التي يقودها.

في شوارع الرباط، انتشرت قوات الأمن عند كل مدخل لساحة البرلمان، مطاردةً شباب “جيل Z” الذين تفرّقوا في الأزقة هرباً من الهراوات.

وفي الدار البيضاء، انقسمت الحشود في درب السلطان إلى مجموعات صغيرة بعد منعها من التجمع في ساحة السراغنة.

توقيفات بالجملة، إصابات في صفوف المحتجين، وحتى رضيعة رفقة والدها انتهت في سيارة الشرطة. ورغم هذا كله، رئيس الحكومة لم ينطق بحرف واحد.

والأدهى أن هذا الصمت الثقيل تزامن مع الذكرى الثانية لزلزال الحوز، مأساة لم تندمل بعد: أكثر من 3000 ضحية، آلاف الأسر ما زالت تحت الخيام، هزات ارتدادية تعيد الرعب كل ليلة، وتقارير حقوقية تفضح أن “16% من الأسر المتضررة لم تستفد من أي دعم”، وأن “79% ممن انهارت منازلهم بالكامل لم يحصلوا إلا على نصف التعويض”.

ومع ذلك، آخر ما يتذكره الناس من رئيس حكومتهم أنه كان يحتسي الشاي ويسأل عن “أشجار الرمان”، وكأنها أهم من إعادة الإعمار.

حتى من داخل الطبقة السياسية، هناك من كسر الصمت. وزير العدل السابق، المصطفى الرميد، كتبها بوضوح: لا نحتاج “بريكولاج”، بل إصلاحاً شاملاً للمنظومة الصحية.

هيئات حقوقية أدانت القمع وقالت إن المنع اعتراف بالفشل.

الألتراس غنّت، الحقوقيون صرخوا، الشارع صرخ…

وحده أخنوش بقي أصمّ أبكم، كأنه في عطلة مفتوحة.

وليس بعيداً عن هذا السياق، نستحضر ما قاله جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2017: “وإذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين فماذا يبقى للشعب؟ لكل هؤلاء أقول: كفوا واتقوا الله في وطنكم، إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون.”

فكيف لرئيس حكومة أن يختبئ خلف صور الرمان والشاي، بينما الشارع يغلي، والخطب الملكية السامية تدعو إلى الصدق وربط المسؤولية بالمحاسبة؟

المغاربة لا ينسون، وسيكتبون في ذاكرتهم أن عزيز أخنوش كان “رئيس حكومة بالصمت”، رجل شاهد شوارع مدن المغرب تشتعل بالشعارات ولم يجد في جرابه سوى البُكم.

فالمغرب ليس مزرعة انتخابية ولا هولدينغ يُدار بالربح والخسارة، بل روح اسمها تمغربيت، لا تقبل الإهانة ولا تعيش بسرعتين.

وحين يصرخ شباب “جيل Z” مطالبين بالصحة والتعليم والكرامة، فهم لا يرددون شعارات مستوردة، بل يعيدون صدى ما قاله جلالة الملك في خطبه السامية، ويستحضرون تاريخاً طويلاً من المقاومة المغربية. وأخنوش، الذي اختار الاختباء خلف صور الشاي والرمان، وضع نفسه في مواجهة مع هذه الروح. والتاريخ لا يرحم من وقف ضد تمغربيت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى