التقدم والاشتراكية يدعم المطالب الشبابية ويحذر من الانزلاقات المسيئة للحركة

حسين العياشي

في خضم ما شهدته بعض المدن المغربية من احتجاجات شبابية، رفعت شعارات مرتبطة بالتعليم والصحة والتشغيل ومحاربة الفساد، خرج المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بموقف يجمع بين التضامن مع المطالب الاجتماعية المشروعة، والدعوة إلى الحوار والاحتضان، والتحذير من أي انزلاق قد يسيء إلى سلمية الحركة الاحتجاجية.

الحزب اعتبر أن هذه المطالب ليست جديدة، بل سبق له، طيلة السنوات الأربع الماضية، أن نبه الحكومة مراراً إلى اختلالات عميقة تمس أساساً المدرسة العمومية والمستشفى العمومي وسوق الشغل، مشدداً على أن الأوضاع المقلقة اليوم هي نتيجة مباشرة لفشل الحكومة في التجاوب مع نداءات القوى السياسية والاجتماعية، وإصرارها على إنكار الفجوة بين وعودها الانتخابية وواقع سياساتها. مضيفا في السياق ذاته، أن الحكومة لم تكتف بعدم الإصغاء، بل تعاملت باستخفاف وإنكار، بل وبنوع من التعالي الذي استفز الرأي العام حين ظلت تؤكد أن كل شيء يسير على ما يرام وأن حصيلتها غير مسبوقة.

من هذا المنطلق، يرى حزب التقدم والاشتراكية أن خروج الشباب للاحتجاج كان نتيجة طبيعية لهذا السياق العام، وأن التعامل السليم مع هذه التعبيرات لا يكون إلا بالحوار والإنصات والتفهم، بعيداً عن المقاربة الأمنية الصرفة. وفي المقابل، شدد على أن الحفاظ على الطابع السلمي والحضاري للاحتجاج يظل شرطاً أساسياً لضمان قوة المطالب وصدقيتها، رافضاً بشكل قاطع أي سلوك عنيف ضد قوات الأمن أو أي تخريب يطال الممتلكات العامة والخاصة، لأنه، في نظره، يسيء عمقياً إلى جوهر هذه المطالب ويُحرف مسارها.

الحزب دعا الشباب إلى إدراك أن رسالتهم وصلت، وأن التفاف فئات واسعة من المجتمع حول مطالبهم يعكس عمق مشروعيتها، غير أن المصلحة الوطنية تستدعي تفادي الانزلاق نحو أشكال احتجاجية عنيفة قد تفرغ الحركة من محتواها وتدخلها في مسارات مجهولة العواقب.

وبموازاة ذلك، شدد حزب التقدم والاشتراكية على أن معالجة هذه الأوضاع لا يمكن أن تتم إلا عبر تغيير جذري في السياسات العمومية، يقوم على إعادة الاعتبار للمرفق العمومي في التعليم والصحة، وتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، ومواجهة مظاهر الفساد التي تنخر الحكامة العمومية. كما أكد أن اللحظة الراهنة تفرض الارتقاء بالفعل السياسي وتقوية الممارسة الديمقراطية، إلى جانب تعزيز أدوار الوساطة التي يفترض أن تضطلع بها الأحزاب والنقابات والجمعيات، بما يعيد الثقة للمواطنين، وخاصة الشباب، في العمل السياسي والمؤسساتي.

وختم الحزب رسالته بالتأكيد على أن ما يجري اليوم ليس مجرد احتجاجات عابرة، بل هو إنذار صريح يستوجب من كل الفاعلين فتح فضاءات للنقاش العمومي الواسع مع الشباب، وفهم تحولات المجتمع المغربي وتطلعات أجياله الجديدة، لأن مستقبل البلاد لن يستقيم إلا بإنصات حقيقي لأصواتهم وبتحويل مطالبهم إلى إصلاحات ملموسة تعيد الاعتبار للكرامة والعدالة الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى