حكومة الأرقام على الورق..التهراوي خطاب آخر مليء بالوعود

فاطمة الزهراء ايت ناصر 

مرة أخرى، خرج وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، ليعيد على مسامع المغاربة نفس الأسطوانة: “نحن نفهم المطالب، نشتغل على الإصلاح، هناك رؤية شاملة، إنجازات، مشاريع، أسرّة جديدة، كليات جديدة…”. خطاب مليء بالأرقام والوعود، لكنه يبقى في النهاية مجرد كلام يتكرر منذ سنوات، بينما واقع المستشفيات والمراكز الصحية يزداد بؤساً وانهياراً.

وزير الصحة يعترف: “الأطباء لا يهاجرون من أجل المال فقط بل بسبب كارثة البنية التحتية”

ما لم يقله الوزير هو أن الجيل الجديد اي “جيل زد” لم يعد يقتنع بالخطابات المعلبة، وأن الشباب الذين يخرجون للاحتجاج اليوم يعرفون جيداً الفرق بين إنجاز على الورق ومستشفى عمومي يفتقر حتى لأبسط التجهيزات. الاعتراف بأن المشاكل مزمنة ومتراكمة لم يعد شجاعة سياسية، بل صار شماعة تعلق عليها الحكومة فشلها، لتبرير العجز بدل تحمّل المسؤولية.

ليست هذه المرة الأولى التي يقرّ فيها مسؤول حكومي بأن السياسات فشلت، وزيرة إعداد التراب الوطني  والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ، فاطمة الزهراء المنصوري، الأمس خرجت بجرأة وقالت إن الحكومة فشلت في عدد من الملفات. لكن هل ترتّب عن هذا الاعتراف استقالة أو محاسبة؟ بالعكس، تستمر نفس الوجوه في تسيير شؤون البلاد وكأن شيئاً لم يكن. أي معنى للاعتراف بالفشل إذا كان القابعون على الكراسي يرفضون المغادرة أو تقديم الحساب؟

المنصوري تعترف: “الغضب الشعبي دليل على أننا لم ننجح والصحة أكبر تحد”

الأحزاب التي تقود الحكومة صارت تفقد بوصلة دورها الحقيقي، فبدل أن تدافع عن الحقوق وتدين الانتهاكات، صارت تصدر بلاغات تشيد بالمقاربة الأمنية في مواجهة الشباب المحتج. ومنذ متى كان تقييم العمل الأمني من اختصاص الأحزاب السياسية؟ دورها أن تعكس صوت المجتمع وتدافع عن المواطنين، لا أن تتحول إلى أبواق تبرّر القمع فقط من أجل حماية مقاعدها ومصالحها.

في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون في المستشفيات العمومية من غياب الأطباء والمعدات، ويُهانون في الشارع بالهراوات والاعتقالات، يخرج الوزير بأرقام ضخمة عن عدد الأسرّة الجديدة والموارد البشرية التي ارتفعت. لكن هذه الأرقام لا يلمسها المواطن البسيط الذي يضطر لنقل مريضه بين ثلاث مستشفيات ليجد سريراً واحداً، أو تلك الأم التي تفقد جنينها بسبب غياب التجهيزات. المغاربة لا يحتاجون إلى جداول إحصائية، بل إلى خدمات حقيقية تحفظ كرامتهم.

من الواضح أن الهمّ الأساسي للحكومة وأحزابها ليس إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المنظومة الصحية أو الاستجابة لمطالب الشباب، بل الحفاظ على الكراسي والامتيازات. لذلك تراها تبرر القمع، وتتغنى بإنجازات وهمية، وتوزع الأرقام بلا أثر ملموس. أما الخسائر، سواء تعلق الأمر بأرواح تُزهق أو ممتلكات تُخرب، فلا تُحسب إلا من زاوية الاستقرار والأمن، لا من زاوية العدالة الاجتماعية أو الحقوق الدستورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى