الأساتذة الباحثون يطلقون إضرابًا تحذيريًا ويصفون الوضع بـ”التوتر غير المسبوق”

حسين العياشي

أعلنت المكاتب المحلية للنقابة الوطنية للتعليم العالي “SNESup”، بجهة الرباط-سلا، عن تنظيم إضراب وطني تحذيري يومي 7 و8 أكتوبر 2025، في تصعيد نادر يعكس ما وصفته النقابة بـ”الوضعية الاستثنائية والتوتر غير المسبوق” داخل الجامعات المغربية.

ويأتي هذا التحرك، في سياق أزمة عميقة بين الحكومة وأساتذة التعليم العالي، على خلفية مشروع قانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي، والذي قدم للبرلمان بطريقة اعتبرتها النقابة أحادية واستبعادية، ما أثار رفضًا شديدًا من الأساتذة الباحثين.

النقابة اعتبرت أن أبرز أخطار هذا القانون تتمثل في إنشاء “مجلس الحكام”، الذي يُنظر إليه كأداة لنسف الهيكلة الجامعية القائمة، وفتح الباب أمام تدخلات خارجية في حكم الجامعات. كما أعربت النقابة عن مخاوفها من المصطلح الجديد “الهياكل القطاعية”، الذي قد يُبعد الجامعات عن محيطها الأكاديمي ويضعف اندماجها المجتمعي والمعرفي.

على الصعيد البيداغوجي، تنتقد النقابة “فرض دفاتر المعايير التعليمية بالقوة ودون أي حوار جدي ومسؤول”، معتبرة أن ذلك يهمش دور الأساتذة الباحثين ويهدد جودة التعليم الجامعي العمومي، في ظل نقص حاد في الموارد والمرافق الأكاديمية.

بحسب بيانات رسمية، تواجه الجامعات المغربية اكتظاظًا طلابيًا كبيرًا، ونقصًا فادحًا في البنى التحتية وأساتذة متخصصين. هذه المعطيات تعكس تدهورًا متناميًا في قدرة المؤسسات الجامعية على توفير تعليم فعال ومتوازن، ما يزيد الضغط على الجسم الأكاديمي ويجعل مطالب النقابة أكثر إلحاحًا.

النقابة تؤكد أن “دفتر المطالب الوطني غير قابل للتجزئة”، وتطالب الحكومة بتنفيذ اتفاق 20 أكتوبر 2022، ويشمل ذلك:

  • إدماج التكلفة المالية لأطروحات الدكتوراه الفرنسية ضمن ميزانية الجامعات.

  • احتساب كامل الأقدمية العامة للأساتذة الباحثين.

  • تعميم الاعتراف بتسع سنوات من الأقدمية في قانون المالية 2026.

كما تدعو “SNESup” إلى تحسين ظروف العمل داخل الجامعات، وضمان تجهيزات أساسية، وتوفير الدعم البيداغوجي للهيئة التدريسية لمواجهة الاكتظاظ الطلابي ونقص الموارد.

البيان الختامي للنقابة جاء بمثابة صرخة: “توحيد الصفوف للدفاع عن الجامعة العمومية والحفاظ على مكتسبات الأساتذة الباحثين”. وتؤكد النقابة أن أي تجاهل لمطالب التعليم العالي سيقابل بتصعيد متواصل، مع تحذير صريح من أن السياسات الأحادية قد تهدد مستقبل التعليم الجامعي العمومي في المغرب وتضعف قدرته على أداء دوره الحيوي في التنمية المعرفية والاجتماعية.

الجامعات المغربية، اليوم ليست مجرد فضاء للتعليم؛ إنها ساحة صراع بين الرؤية الحكومية لإصلاح القطاع وطموحات الأساتذة الباحثين، في حماية الجامعة العمومية وضمان حق الطلاب في تعليم متوازن وذي جودة عالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى