المغرب في مرمى التحديات المناخية والضعف الاجتماعي والاقتصادي (تقرير)

حسين العياشي

يحتل المغرب المرتبة 51 عالميًا في مؤشر المخاطر لعام 2025، بنسبة إجمالية بلغت 10,55%، وفق تقرير مشترك صادر عن المنظمة الألمانية “Bundnis Entwicklung Hilft” ومعهد القانون الدولي للسلام والصراعات المسلحة في جامعة “Ruhr Bochum”. ويصنف هذا الترتيب المملكة ضمن الدول ذات المخاطر العالية، التي تتراوح نسبتها بين 5,88% و12,88%.

ويكشف التقرير عن ملامح صادمة تتعلق بالهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، التي سجلت 14,59%، تليها مستوى التعرض العام بنسبة 21,14%. أما المخاطر البيئية، فتظهر عبر التعرض للكوارث الطبيعية بنسبة 7,63%، في حين بلغت ضعف قدرات الاستجابة 12,65%، وضعف القدرة على التكيف 11,61%.

على الصعيد القاري، يبرز التقرير هشاشة إفريقيا، حيث تصنف نحو 80% من أراضيها ضمن مناطق عالية أو شديدة الخطورة. وفي هذا السياق، يتميز المغرب بموقعه الجغرافي الاستراتيجي والحساس، إذ يطل على محيطين: الأطلسي شمالًا والبحر الأبيض المتوسط شرقًا، ما يزيد من تعرضه لتأثيرات تغير المناخ وارتفاع منسوب البحار.

يشير الخبراء إلى أن المغرب يواجه مشكلة مزدوجة: من جهة، ضعف البنية التحتية لمواجهة الكوارث المفاجئة مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية، ومن جهة أخرى، هشاشة اجتماعية واقتصادية تجعل السكان أكثر تعرضًا للصدمات الطبيعية.
وتظهر هذه المخاطر بشكل ملموس في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وطنجة، حيث تتحول الشوارع إلى سيول جارفة خلال الأمطار الغزيرة، ما يعرقل الحركة ويؤدي إلى أضرار مادية جسيمة. هذه الظواهر تكشف عن نقاط ضعف التخطيط الحضري وأنظمة الصرف الصحي، التي لا تزال غير كافية لمواجهة الظروف الطارئة.

لا تقتصر المخاطر على المناطق الحضرية، بل تشمل التغيرات المناخية على مستوى الرياح والمطر والجفاف وذوبان الثلوج في جبال الأطلس. وقد سبق أن تسببت هذه الظواهر في فيضانات مفاجئة دمرت مناطق مثل سوس والحوز، ما يؤكد هشاشة القدرة على التكيف مع المتغيرات المناخية.

وعلى صعيد الساحل، تكشف الدراسات أن ارتفاع منسوب البحار قد يصل إلى مترين بحلول نهاية القرن، مهددًا الشريط الساحلي الأطلسي الممتد من طنجة إلى الداخلة. وتعد هذه المنطقة من بين الأكثر عرضة للعواصف البحرية والفيضانات الشاطئية، ما يفرض استراتيجيات عاجلة لحماية السواحل والمناطق المأهولة.

يركز التقرير على أهمية تعزيز الاستثمار في حماية السواحل وتطوير نظم إدارة المخاطر البيئية. ويرى الخبراء أن مقاومة هشاشة المغرب لا تقتصر على البنية التحتية، بل تشمل أيضًا تعزيز صمود المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً، وتحسين شبكات الإنذار المبكر، وتطوير الخطط المحلية للاستجابة للكوارث، إضافة إلى تشجيع برامج التوعية المجتمعية لمواجهة آثار التغير المناخي.

وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن التحدي الأكبر أمام المغرب يتمثل في موازنة التنمية الاقتصادية مع حماية البيئة، وضمان أن تكون المدن والمجتمعات الريفية أكثر قدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية، بما يضمن حماية الأرواح والممتلكات وتحقيق تنمية مستدامة شاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى