قبل تجديد ولاية المينورسو.. الأمم المتحدة تؤكد تفوق المبادرة المغربية على خصومها (تقرير)

حسين العياشي
قبل أيام قليلة من تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية (المينورسو)، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقريره السنوي حول الوضع في الأقاليم الجنوبية، وهو تقرير يعكس بوضوح تغيّر موازين المواقف الدولية لصالح المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ويكشف في الوقت نفسه ارتباك خصوم الوحدة الترابية.
في هذا التقرير، يؤكد غوتيريش أن الزخم الدبلوماسي يتجه بثبات نحو دعم المقترح المغربي، الذي بات يُنظر إليه من قبل عدد متزايد من الدول باعتباره حلاً واقعياً وذا مصداقية لإنهاء النزاع. ومن أبرز هذه الدول، المملكة المتحدة التي جددت في يونيو 2025 دعمها الصريح للمبادرة المغربية، مشيدة بالجهود التي يبذلها المغرب لإيجاد حل سلمي ودائم للنزاع المفتعل.
وفي فقرة لافتة، استحضر الأمين العام تصريحات الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش، الذي دعا فيه إلى حل «لا غالب فيه ولا مغلوب» وإلى إحياء الحوار بين الرباط والجزائر.
غير أن هذه الدعوة، كما يلاحظ غوتيريش، لم تجد أي تجاوب من الطرف الجزائري، رغم ما تمثله من فرصة حقيقية لبناء مستقبل مشترك قائم على التعاون بدل القطيعة. ويشدد الأمين العام على أن المسؤولية في هذا الملف جماعية، وأن التعاون بين البلدين الجارين من شأنه أن يعزز الاستقرار والتنمية في منطقة المغرب الكبير.
التقرير لم يترك مجالاً للبس في توصيف دور الجزائر؛ فقد ورد اسمها سبع عشرة مرة، وهو ما يعكس إدراك الأمم المتحدة لتورطها المباشر في النزاع.
ويصف غوتيريش سلوك الجزائر بأنه بعيد عن الحياد، مشيراً إلى مواقفها العدائية تجاه الدول التي أعربت عن تأييدها للمقترح المغربي.
أما على الأرض، فيؤكد التقرير أن الوضع الميداني ما يزال هشاً، بسبب الخروقات المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار من طرف “مرتزقة البوليساريو”. فقد تم تسجيل حوادث قرب مناطق المحبس والسمارة، حيث سقطت صواريخ على مقربة من مواقع تابعة للمينورسو، في وقت ترفض فيه الجبهة السماح للبعثة بالتحقيق، مما يعقد مهام المراقبة والتحقق ويكشف محدودية سيطرة الانفصاليين على الوضع.
ورغم هذه التحديات، يشدد غوتيريش على أن المينورسو تظل مصدر المعلومات الميدانية الأكثر حياداً وموثوقية، موصياً بتمديد ولايتها إلى أكتوبر 2026، بالنظر إلى دورها الحاسم في منع التصعيد وضمان الاستقرار.
لكن البعثة تواجه أزمة مالية خانقة، إذ لم يتم تسديد سوى جزء ضئيل من ميزانيتها البالغة 70.7 مليون دولار، مما يهدد استمرارية عملياتها وقدرتها على التحرك الميداني.
ويختتم الأمين العام تقريره بالإشارة إلى مشروع الطريق الذي يربط السمارة بالحدود الموريتانية، الذي أنجزه المغرب لأغراض مدنية، باعتباره رمزاً لرؤية المملكة في ترسيخ التنمية وربط الأقاليم الجنوبية بمحيطها الإفريقي. طريق يعكس إرادة واضحة في جعل الصحراء المغربية قاطرة للاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي، في مقابل نهج التصعيد والعزلة الذي اختارته أطراف أخرى.
بهذا التقرير، يرسخ غوتيريش واقعاً دبلوماسياً جديداً: المبادرة المغربية تتقدم بثبات، والخصوم يزدادون عزلة. وبين دعوة المغرب للحوار ومسؤولية الجزائر في التعطيل، يبدو أن العالم بات أكثر اقتناعاً بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للحياة.