التراث المغربي يغزو الأسواق الدولية (تقرير)

حسين العياشي
تواصل الصناعة التقليدية المغربية إثبات قدرتها على الصمود والتجدد. فبحسب المرصد الوطني للصناعة التقليدية، بلغت صادرات المنتوجات التقليدية المغربية إلى غاية نهاية شتنبر 2025 ما مجموعه 903,5 ملايين درهم، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 11% مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024. ارتفاع يعكس ليس فقط جاذبية الحرف المغربية، بل أيضًا قدرة الصنّاع التقليديين على الاندماج في دينامية الاقتصاد العالمي دون التفريط في روح الأصالة التي تميز منتجاتهم.
في مقدمة هذه الصادرات، تبرز منتوجات الفخار والحجر التي واصلت احتلال الصدارة، لتشكل أكثر من ثلث إجمالي الصادرات بقيمة 313,14 مليون درهم، أي بزيادة قدرها 6%. هذه المواد، التي تجمع بين الحرفية اليدوية والدقة الفنية، تظل من أكثر المنتجات طلبًا في الأسواق الخارجية، إذ تحمل في تفاصيلها ملامح العمارة المغربية وروحها الجمالية الفريدة.
أما الزربية المغربية، رمز الدفء والهوية، فقد حافظت بدورها على مكانتها المرموقة بقيمة صادرات تجاوزت 160 مليون درهم، تليها الملابس التقليدية التي حققت طفرة استثنائية بلغت +115% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس اهتمام الأسواق العالمية المتزايد بالأناقة المغربية التي تجمع بين الأصالة والابتكار.
ورغم هذا الزخم، لم تسلم بعض الفئات من التراجع، إذ سجلت منتجات النسيج التقليدي مثل القفف والجلود والأغطية انخفاضات ملحوظة تراوحت بين 15% و23%، في مؤشرات تدعو إلى إعادة التفكير في استراتيجيات التسويق والتوزيع الخاصة بها.
على المستوى الجغرافي، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية ترسيخ موقعها كأول وجهة لصادرات الصناعة التقليدية المغربية، محققة نموًا لافتًا بنسبة 25% مقارنة بسنة 2024. في المقابل، تراجعت الصادرات نحو فرنسا (-24%) وإسبانيا (-2%) رغم بقائهما من الشركاء الرئيسيين، بنسبة مساهمة بلغت 11% و6% على التوالي. اللافت في هذه السنة هو الصعود القوي لتركيا، التي حققت قفزة استثنائية بلغت +626%، لتستحوذ على 7% من إجمالي الصادرات، ما يعكس تنوع الأسواق المستقبِلة للحرف المغربية وتوسعها شرقًا.
أما من حيث توزيع المدن المصدّرة، فتواصل مراكش ريادتها بجدارة، مستحوذة على 41% من مجموع الصادرات الوطنية، تليها الدار البيضاء (31%) ثم فاس (18%) وطنجة (8%)، وهي أرقام تعكس التفاوت في النسيج الحرفي بين المدن، لكنها في الوقت ذاته تؤكد تكاملها في خدمة صورة المغرب كبلد يمتلك رصيدًا حضاريًا متنوعًا يُترجم إلى منتوجات ذات هوية عالمية.
هكذا، تبدو الصناعة التقليدية المغربية في أوج ديناميتها، بين حرفيين يبدعون بأيديهم وعواصم تجارية تفتح لهم أبواب العالم. إنها أكثر من مجرد صادرات بالأرقام، بل حكاية متجددة عن تراث مغربي ينجح، عامًا بعد عام، في تحويل الأصالة إلى لغة اقتصادية عالمية مفهومة على كل القارات.