الغلوسي: الإصلاحات الانتخابية قد تظل حبرًا على ورق إذا لم يتم تطبيقها بصدق

حسين العياشي
يسعى مشروع القانون التنظيمي الخاص بمجلس النواب، وفقًا لمحمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى معالجة العديد من التحديات التي تواجه العمل السياسي في البلاد. يركز المشروع على ضرورة فرز نخب سياسية تتمتع بالشرعية والثقة، بعيدًا عن المتورطين في قضايا الفساد. فالمؤسسة التشريعية، التي كانت يومًا ما معقلًا للتغيير والتطور، أصبحت في ظل الفساد مرتعًا للمصالح الخاصة، حيث استغلها بعض اللوبيات المستفيدة من واقع الفساد والريع لتحصين الفاسدين وحمايتهم من المساءلة.
إضافة إلى ذلك، يرى الغلوسي أن مشروع القانون التنظيمي للأحزاب يمثل خطوة هامة نحو تحسين الممارسة السياسية والإنتخابية في البلاد. رغم أنه لا يُنتظر منه أن يكون الحل الشامل، إلا أنه يمكن أن يسهم بشكل نسبي في تصحيح مسار العملية الانتخابية، خاصة من خلال التصدي للممارسات التي تؤثر على نزاهتها. وفي هذا الإطار، يتوجه المشروع لدعم مشاركة الشباب والنساء في الحياة السياسية، مما سيفتح أمامهم فرصًا أكبر للدخول إلى الساحة السياسية والمساهمة في بناء مستقبل البلاد.
رغم هذه التحسينات المحتملة، يبقى القلق قائمًا من استغلال بعض الجهات المستفيدة من الوضع الراهن لتفريغ هذه المبادرات من مضمونها، كما حدث مع مشاريع سابقة مثل “مدونة السلوك”. لذلك، يلفت محمد الغلوسي إلى أن المشروع، رغم أهميته، يجب أن يظل في إطار تطبيق فعلي وتوجيه حقيقي. كما يشير إلى أن النخب السياسية والحزبية معنية بشكل مباشر بإعادة ترتيب صفوفها وتنقية مؤسساتها من الفاسدين والمتورطين في الأنشطة غير القانونية، مثل تجار المخدرات ومبيضي الأموال، الذين أساءوا إلى المال العام.
وفي هذا السياق، يضيف الغلوسي أن المجتمع في مرحلة مفصلية تتطلع إلى إشارات أقوى وأكثر رمزية من أجل استعادة الثقة في المؤسسات السياسية. هذه الإشارات يجب أن تتجسد في خطوات عملية ملموسة، تشمل الإفراج عن المعتقلين السياسيين من نشطاء حراك الريف والنقيب محمد زيان وكافة معتقلي الرأي. كما ينبغي إحالة جميع التقارير المتعلقة بالفساد ونهب المال العام إلى القضاء، لمحاكمة الفاسدين، ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم، لضمان سيادة القانون وحماية المال العام.
من خلال هذه الإجراءات، كما يعتقد الغلوسي، يمكن أن ننتقل إلى مرحلة جديدة من الإصلاحات السياسية والحقوقية، مرحلة تُعيد الأمل والثقة إلى قلوب المواطنين، وتفتح آفاقًا جديدة لمستقبل أكثر عدالة وشفافية.رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام،