ميزانية المواطن.. لماذا يجب على كل مغربي متابعة قانون المالية 2026 بتفاصيله؟

حسين العياشي
يستعد البرلمان المغربي اليوم لعقد جلسة عامة، تجمع بين مجلسي النواب والمستشارين، لعرض مشروع قانون المالية لعام 2026. هذه الجلسة، التي تُنظم وفقًا لأحكام الفصل 68 من الدستور، تمثل فرصة محورية لتسليط الضوء على خطة الحكومة لتوجيه ميزانية الدولة في العام المقبل، وتحديد كيفية تخصيص الموارد العامة بين مختلف القطاعات الحيوية، خاصة في ظل السياق الحالي الذي اشتدّ فيه جدل الأولويات. ولكن، ما أهمية هذا القانون بالنسبة للمواطن؟ ولماذا ينبغي على كل فرد أن يتابع تفاصيله بدقة واهتمام؟
إن مشروع قانون المالية لعام 2026 هو أكثر من مجرد أرقام وجداول حسابية، بل هو الوثيقة التي تحدد خارطة الطريق لميزانية البلاد. من خلاله، يتم تحديد أولويات الحكومة، من حيث حجم الإنفاق على القطاعات المختلفة مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية، ودعم الاستثمار. لكن الأثر الأكبر لهذا القانون لا يتوقف عند المؤسسات الكبرى والشركات، بل يمتد ليصل إلى كل مواطن مغربي، ويؤثر في حياتهم اليومية بشكل مباشر.
يتجسد هذا الأثر في تحديد المخصصات المالية للبرامج الاجتماعية، مثل الدعم الحكومي للفئات المعوزة، وتحسين جودة الخدمات العامة. كما أن هذا المشروع يُحدد السياسات الضريبية التي قد تؤثر على جيب المواطن، سواء من خلال تخفيض الضرائب أو زيادة بعضها. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يعكس توجهات الحكومة في ما يخص خلق فرص الشغل. وبالتالي، يصبح مشروع قانون المالية أداة رئيسية في تحديد ملامح المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للمغاربة.
لكن الأهمية الكبرى لهذا القانون تكمن في دور البرلمان في مراقبته وتوجيهه. فالقانون لا يُقر بشكل نهائي إلا بعد مناقشته بعمق في مجلسي النواب والمستشارين، حيث يتعين أ|ن يقوم النواب والمستشارون بدورهم الرقابي على الموازنة، مُمارسين الرقابة الشعبية التي تضمن أن الأموال العامة تُستخدم وفقًا للمصلحة العامة. هذا الدور البرلماني يُعتبر أحد الأسس الأساسية لكل ديمقراطية، حيث يتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم عبر ممثليهم في البرلمان، ويسهم في ضمان الشفافية والمساءلة في توزيع الموارد العامة.
من هنا، يصبح متابعة تفاصيل مشروع قانون المالية مسؤولية وطنية تهم كل مواطن. فالفهم العميق لهذا المشروع يساعد المواطن على معرفة كيف سيتم استثمار أمواله الضريبية، وكيف ستُستخدم لتلبية احتياجاته اليومية وتحقيق رفاهيته. كما يوفر له فرصة المشاركة الفاعلة في النقاشات الوطنية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يسهم في تعزيز التفاعل بين الحكومة والشعب.
إن اهتمام المواطن بتفاصيل مشروع قانون المالية يعكس درجة وعيه السياسي والاقتصادي، ويمنحه القدرة على التأثير في مستقبل بلاده. وهو في الوقت ذاته يساهم في بناء مجتمع يراعي الشفافية، ويحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.