بوجريدة: النجاح السياسي للنساء يقاس بفعاليتهن في صنع القرار.. لا بعدد المقاعد

حسين العياشي

اعتبرت النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، عزيزة بوجريدة، أن حصر الدوائر الجهوية للنساء في الانتخابات المقبلة يمثل بداية جديدة لتمثيل فعّال للمرأة في المجالس المنتخبة. وأكدت أن هذا الإجراء يعكس إرادة حقيقية لضمان مشاركة المرأة بشكل أوسع وأكثر تأثيرًا في الحياة السياسية، مشيرة إلى أن حضور المرأة في المؤسسات السياسية لم يعد رفاهية أو استثناء، بل أصبح حقًا مكفولًا وضمانة ديمقراطية للمستقبل.

ومع ذلك، شددت بوجريدة في تصريحها ل”إعلام تيفي”، على أن المساواة الحقيقية لا تقاس بالعدد فقط، بل بالكفاءة والعطاء والتأثير. فإضافة المزيد من النساء في المشهد السياسي أمر ضروري لفتح الأفق أمامهن، لكنه لا يعدو كونه خطوة أولى في عملية أعمق تهدف إلى التمكين الكامل للمرأة. إن ما نطمح إليه هو الانتقال من التمثيل العددي إلى التمثيل النوعي، أي الانتقال من الحضور في المجالس إلى المساهمة الفعالة في صناعة القرار والتأثير على السياسات العامة. فالحضور النسائي في المجالس لا يجب أن يُقاس فقط بعدد المقاعد التي تشغلها النساء، بل بما تحققه هذه المقاعد من تأثير حقيقي في مجريات العمل السياسي.

من هذا المنطلق، لا يمكن اعتبار تخصيص الدوائر الجهوية للنساء مجرد إجراء معزول، حسب قول النائبة، بل يجب أن يُفهم كجزء من منظومة شاملة تهدف إلى تمكين المرأة سياسيًا. معتبرة، أن هذا التمكين يتطلب خططًا عملية تشمل تأهيل النساء المنتخبات عبر برامج تكوينية مستمرة، تعزز من قدراتهن السياسية وتعطيهن الأدوات اللازمة لفهم أعمق للملفات السياسية المعقدة. إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك جهود حثيثة لتعزيز دور المرأة داخل الأحزاب وهياكل اتخاذ القرار، مع ضرورة توفير بيئة سياسية تشجع على المبادرة والابتكار، بدلاً من تكرار النمط التقليدي القائم على التبعية الشكلية.

فالهدف لا يكمن في أن تكون المرأة مجرد رقم على لائحة الانتخاب، بل في أن تصبح قيادية قادرة على صياغة الرؤى السياسية، وتقديم حلول مبتكرة وواقعية للمشاكل المجتمعية، والدفاع عن حقوق المواطنين بروح من المسؤولية والكفاءة العالية. نحن بحاجة إلى نساء قادرات على التأثير الفعلي في السياسات العامة، لا إلى مجرد تمثيل صوري.

وتُضيف بوجريدة في السياق ذاته، أن لائحتهن التي ترشحن من خلالها في انتخابات 2021 كانت سابقة تاريخية، حيث كانت أول لائحة على مستوى العالم العربي تتكون بالكامل من النساء، ما يعكس التزامهن الراسخ بتعزيز تمثيل المرأة في السياسة بشكل فعّال. هذه الخطوة اعتبرتها رسالة قوية بأن المرأة قادرة على قيادة التغيير واتخاذ القرارات السياسية الهامة على قدم المساواة مع الرجل، وأنها لا تقل كفاءة أو قدرة على أداء المهام السياسية.

وفي الختام، إذا كنا نطمح إلى ديمقراطية حقيقية وناضجة، يجب أن نؤمن بأن التمثيلية النسائية ليست امتيازًا يُمنح، بل مسؤولية تُؤدى. فلن يُقاس نجاح النساء في السياسة بعدد المقاعد التي تشغلها، بل بمدى تأثيرهن في اتخاذ القرار السياسي، وفي إحداث التغيير الفعلي الذي يلامس حياة الناس ويسهم في تقدم المجتمع بشكل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى