سالم ل”إعلام تيفي”: “مراسلة البوليساريو تكشف ارتباكها والحكم الذاتي هو الحل الواقعي” (حوار)

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أثارت خطوة جبهة البوليساريو، المتمثلة في مراسلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الاثنين 20 أكتوبر، اهتمام الخبراء والمراقبين على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي.
فالرسالة تأتي في وقت تشهد فيه القضية الصحراوية دينامية متسارعة، سواء على مستوى مجلس الأمن أو عبر التحركات الأمريكية المكثفة، في ظل تأكيد الدول الكبرى أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تشكل الإطار الواقعي الوحيد للتسوية.
وبحسب مراقبين، تكشف الرسالة عن حالة ارتباك وانقسام داخلي في قيادة الجبهة، وتبعيتها شبه المطلقة للجزائر، التي تتحكم فعليا في القرارات السياسية للجبهة الانفصالية.
ويأتي توقيت الرسالة قبل تصويت مجلس الأمن المرتقب، في محاولة من البوليساريو لتقديم نفسها كطرف متعاون، بينما تؤكد الوقائع أن القرار الفعلي يتم اتخاذه في قصر المرادية وليس في مخيمات الرابوني، ما يجعل الخطوة مجرد مناورة سياسية أكثر من كونها مبادرة حقيقية.
في حوار شامل مع موقع “إعلام تيفي”، أكد محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن مراسلة البوليساريو تكشف هشاشة موقف الجبهة وتبعيتها للجزائر، بينما يواصل المغرب تعزيز مركزه القانوني والدبلوماسي في النزاع.
وأوضح أن المرحلة الحالية تمثل لحظة إعادة تموضع شاملة على مستوى موازين القوى، حيث أصبح الحكم الذاتي المغربي المرجعية الوحيدة المقبولة دوليًا لتسوية النزاع.
وأشار إلى أن الدعم الدولي المتزايد للمغرب، سواء من خلال القرارات الأممية أو افتتاح القنصليات في الأقاليم الجنوبية، يعكس تحولا ملموسا لصالح المملكة، فيما تعيش الجزائر عزلة متصاعدة على المستوى الإقليمي والدولي.
إليكم نص الحوار
إعلام تيفي: كيف تفسرون خطوة جبهة البوليساريو في مراسلة الأمين العام للأمم المتحدة في هذا التوقيت؟
الرسالة تكشف بوضوح حالة ارتباك الجبهة بسبب الضغوط الدولية المتزايدة عليها وعلى الجزائر، التي تتحكم في قراراتها.
الخطوة تهدف للتمويه على مسؤولية الجزائر في تعطيل المسار السياسي، ومحاولة تقديم الجبهة في صورة الطرف المتعاون، رغم أن جميع المؤشرات تؤكد أن القرار الفعلي يتخذ في قصر المرادية.
إعلام تيفي: ما هو السياق الدولي الحالي الذي تصدر فيه هذه الرسالة؟
المرحلة الراهنة تشهد ديناميكية دبلوماسية مكثفة، مع تحركات نشطة من الولايات المتحدة، بما في ذلك لقاءات المبعوث الخاص مسعد بولس والسفير ستيف ويتكوف، ومواقف متكررة تؤكد أن الحكم الذاتي المغربي هو الإطار الواقعي الوحيد، فمجلس الأمن يتحضر لاعتماد قرار جديد، ويضغط على الجزائر للانخراط الجدي في العملية السياسية، باعتبارها الطرف الفعلي في النزاع.
إعلام تيفي: هل هناك مؤشرات على إعادة تموضع في موازين القوى؟
نعم، المغرب نجح بثباته الميداني والمؤسساتي في ترسيخ المركز القانوني للنزاع، ومبادرة الحكم الذاتي أصبحت المرجعية الأساسية لأي تسوية، والأمم المتحدة والقوى الكبرى تعترف اليوم بالواقعية السياسية لهذا الخيار.
السيناريو الأكثر ترجيحا هو استئناف المفاوضات المباشرة بإشراف المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، مع تحميل الجزائر مسؤولية أي عرقلة أو انسحاب محتمل.
إعلام تيفي: وماذا عن محاولات الجبهة والجزائر لإبطاء العملية؟
الجزائر والبوليساريو تحاولان خلق أزمات واتهام بعثة المينورسو بالانحياز، أو تصعيد خطاب الحرب لإرباك المساعي الأممية، لكن البيئة الدولية لم تعد تتقبل هذه المناورات، خصوصا في ظل الرغبة المشتركة لدى القوى الكبرى لتحقيق الاستقرار في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.
إعلام تيفي: ما هو السيناريو البديل إذا استمر الجمود؟
السيناريو الأقل احتمالا هو استمرار الجمود، حيث ستكتفي الأمم المتحدة باحتواء الوضع ميدانيا مع تكريس واقع السيادة المغربية في الأقاليم الجنوبية، بينما تظل مخيمات تندوف تعاني، وتستفيد فقط القيادة الانفصالية وبعض عناصر الجيش الجزائري من استمرار الوضع الراهن.
إعلام تيفي: ما هي معطيات الحسم في الملف؟
كل المعطيات الميدانية والدبلوماسية تشير إلى أن الملف يقترب من الحسم، التقارير الأممية والمواقف الأمريكية المتكررة، ومسودات قرارات مجلس الأمن، تدعم المقاربة الواقعية التي تقوم على الحكم الذاتي المغربي.
دعم دول كبرى وافتتاح قنصليات في العيون والداخلة يعكس تحولا لصالح المغرب، فيما الجزائر تواجه عزلة متزايدة داخليا وإقليميا.
هذه المعطيات تجعل من سيناريو التسوية السياسية الواقعية أمرا أكثر ترجيحا من استمرار الجمود، خصوصا في ظل ضغط القوى الكبرى على الجزائر للانخراط الإيجابي في المفاوضات.
ومع كل دورة جديدة لمجلس الأمن، تتأكد القناعة الدولية بأن الزمن الدبلوماسي أصبح يعمل لصالح المغرب، وأن مبادرته الذاتية تشكل الإطار الوحيد القادر على إنهاء هذا النزاع المفتعل بشكل يحفظ السيادة الوطنية ويضمن الاستقرار الإقليمي.