بين وعد التحديث والبيروقراطية الخانقة: معبر سبتة ينهار تحت الضغط

حسين العياشي

تعيش سبتة على وقع احتقان شعبي متصاعد، بعدما تحوّل معبرها الحدودي إلى عنوان يومي للمعاناة ومسرح لفوضى متكررة تكشف عجز السلطات الإسبانية عن إدارة واحدة من أكثر النقاط حساسية في المنطقة. يتقدّم المشهد صباحاً بطوابير مترامية من العائلات والعمال والزوار، عبور بطيء ومنهك، تفتيش متعثر وإجراءات ترسّخ الإحساس بالإهانة أكثر مما تضمن النظام. شهادات العابرين تصف ما يجري بأنه إذلال ممنهج وامتحان قاسٍ للكرامة الإنسانية، فيما تتعالى المطالبات بتدخل عاجل يضع حداً لما يصفونه بـ«المأساة المزمنة».

داخل المدينة، يتنامى الغضب. تقارير محلية، من بينها ما نشرته صحيفة «إلفارو دي سيوتا»، ترصد توسع رقعة الاحتجاجات وتكرّس قناعة لدى السكان بأن انسداد آفاق الإصلاح وتراكم الأعطاب الهيكلية في إدارة المعبر مؤشرات على فشل مزمن يهدد بتحويل الأزمة إلى قنبلة اجتماعية موقوتة، لا تقف آثارها عند بوابة العبور بل تنعكس على استقرار المدينة برمتها.

على الأرض، الصورة أشد قتامة: فوضى وتدافع، وحالات إغماء متكررة بين النساء وكبار السن تحت وطأة الحر، وغياب ملحوظ للتنسيق بين الأجهزة الأمنية المشرفة على المكان. ومع مرور الأشهر، يتكرر المشهد ذاته بلا تحرك فعلي من الحكومة الإسبانية في المدينة المحتلة، ما يفاقم شعور السكان بالعجز والتهميش ويعمّق الهوة بين الوعود والواقع.

في الخلفية، يعود بين الفينة والأخرى الحديث عن مشروع «المعبر الذكي» الذي روّجت له مدريد بوصفه الحل الشامل لإنهاء الأزمة. لكن الوقائع تثبت أن الوعود بقيت على الورق؛ فالإجراءات ما تزال تُدار بأساليب يدوية بطيئة تزيد من معاناة العابرين وتؤكد أن التطور التقني الموعود لم يصل بعد إلى تخوم سبتة.

أمام هذا المشهد، يرى ناشطون محليون أن ما يجري يكشف الوجه الحقيقي لسياسة العسكرة المستمرة في الثغرين المحتلين، وسط غياب رؤية إنسانية وتنموية تضع كرامة الناس في المقدمة. ويؤكد هؤلاء أن الوقت حان لاعتماد مقاربة جديدة تجعل الإنسان في صلب الأولويات، وتضمن عبوراً آمناً ومنظماً يليق بمدينتين يجمعهما التاريخ وتفرّقهما الحواجز والأسلاك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى