من كاليفورنيا إلى المغرب.. طريق تسلا نحو القارة السمراء يمر عبر الدار البيضاء

حسين العياشي

قررت شركة تسلا الأميركية دخول القارة الإفريقية عبر بوابة المغرب، باختيار مدينة الدار البيضاء نقطة انطلاقها الأولى نحو الجنوب. وجاء هذا التوجه مؤكداً بعد نشر الشركة إعلان توظيف رسمي على موقعها الإلكتروني لشغل منصب مدير المبيعات والتسليم في المغرب، في مؤشر واضح على بدء مرحلة جديدة في استراتيجية الحضور الدولي لعملاق السيارات الكهربائية.

القرار لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة قراءة دقيقة لمعادلات الاقتصاد والبيئة في المنطقة. فالمغرب بات خلال السنوات الأخيرة نموذجاً رائداً في مجال التحول الطاقي بفضل استثماراته الضخمة في الطاقة الشمسية والرياح، وتطويره لصناعة سيارات تراعي المعايير البيئية. كما يتميز باستقرار سياسي واقتصادي يجعله وجهة مفضلة للشركات العالمية الباحثة عن أسواق ناشئة ذات بنية تحتية متقدمة.

الدار البيضاء تحديداً تمثل القلب الاقتصادي النابض للبلاد، ومحوراً لوجستياً يربط بين أوروبا وإفريقيا. هذا الموقع الاستراتيجي يمنح تسلا قاعدة مثالية لتأسيس شبكة توزيع وخدمات ما بعد البيع، تمهيداً لطرح سياراتها رسمياً في القارة الإفريقية. فالتحرك نحو المغرب ليس سوى الخطوة الأولى ضمن خطة أوسع تستهدف فتح آفاق جديدة أمام صناعة التنقل المستدام في الأسواق الصاعدة.

من منظور تسلا، يشكل المغرب تجربة محسوبة المخاطر، لكنه في الوقت نفسه بوابة واعدة نحو قارة شاسعة ما زالت في بدايات ثورتها الخضراء. الرهان هنا يتجاوز الأرقام والمبيعات، ليمس رمزية التوجه نحو سوق تتطلع إلى مستقبل نظيف وابتكار تكنولوجي يواكب التحولات العالمية.

بهذا القرار، لا تؤكد تسلا فقط ثقتها في الإمكانات المغربية، بل تكرّس أيضاً مكانة المملكة كمنصة إقليمية للطاقة النظيفة والصناعة المستدامة. ويبدو أن القارة الإفريقية على موعد مع فصل جديد في مسار السيارات الكهربائية، يبدأ بهدوء من شواطئ الأطلسي في الدار البيضاء، حيث تمتزج طموحات التكنولوجيا الأميركية مع رؤية المغرب لمستقبل أخضر يقود التغيير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى