حليم يفنّد مزاعم توسيع حالات التنافي: مشروع القانون يسير في الاتجاه المعاكس

حسين العياشي

في خضم الجدل الذي أثارته التعديلات التي طالت مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، خرج حليم صلاح الدين، الباحث في القانون البرلماني، لتوضيح ما اعتبره “سوء فهم” رافق النقاش العمومي حول حالات التنافي بين المناصب الانتخابية. فبينما اعتقد البعض أن المشروع الجديد جاء لتوسيع هذه الحالات، كشف المتحدّث أن الصيغة المحالة على مجلس النواب لم تذهب في هذا الاتجاه إطلاقاً، بل سمحت، على العكس، بترشح عدد من رؤساء الجماعات والعمالات والأقاليم والمقاطعات ومجموعات الجماعات الترابية خلال الاستحقاقات التشريعية المقبلة.

تصريح صلاح الدين ل”إعلام تيفي”، جاء ليعيد التوازن إلى النقاش المثار حول التعديلات التي أدخلتها وزارة الداخلية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، بعد أن ساد اعتقاد واسع بأن المشروع توسع في حالات التنافي. إلا أن المتحدث شدد على أن الصيغة المحالة على مجلس النواب لم تتضمن أي توسيع فعلي لحالات التنافي، بل على العكس من ذلك، أتاحت فرص الترشح أمام رؤساء الجماعات والعمالات والأقاليم والمقاطعات ومجموعات الجماعات الترابية خلال الاستحقاقات التشريعية المقبلة، وهو ما يمثل توجهاً مغايراً تماماً لما رُوّج له.

وأوضح صلاح الدين أن المشروع اكتفى بحصر التنافي في رئاسة مجلس الجهة فقط، مع اشتراط عدم الجمع بين أكثر من رئاسة واحدة لأي هيئة منتخبة، دون أن يشمل ذلك عضوية مكاتب المجالس الترابية أو لجانها الدائمة. هذا التقييد المحدود، في تقديره، يهدف إلى تفادي الاستقالات الطوعية التي كان يمكن أن يقدمها عدد من الرؤساء المشمولين بنظام التنافي الجاري به العمل، وهو ما كان سيؤدي إلى اضطراب في سير المجالس الترابية وتعطيل مشاريع التنمية المحلية.

لكن ما يلفت الانتباه هو المفارقة بين هذا التوجه وما كان يُنتظر من الإصلاح. فبينما جاءت تعديلات وزارة الداخلية ـ كما تمّ ترويجها ـ بغرض توسيع حالات التنافي وتكريس مبدأ فصل السلط وتفرغ المنتخبين لمهامهم التشريعية، فإن الصيغة التي تحدث عنها صلاح الدين تسير في الاتجاه المعاكس، إذ تفتح المجال أمام استمرار الجمع بين المسؤوليات المحلية والتمثيلية الوطنية، ما يثير لديه تساؤلات حول مدى انسجام النص مع فلسفة الإصلاح المعلنة.

ويرى صلاح الدين أن الرهان الحقيقي ينبغي أن يكون على تخليق الحياة العامة وتعزيز الشفافية، عبر تقليص تراكم المناصب المنتخبة، وإعادة الاعتبار للتمثيل البرلماني باعتباره وظيفة تشريعية رقابية مستقلة، لا امتداداً للإدارة الترابية. غير أن الصيغة الجديدة، كما يقول، أبقت على منطق التساهل مع تعدد المسؤوليات، متغاضية عن مطلب تجديد النخب وفصل السلط على نحو فعلي، لتظل المسافة قائمة بين النص التشريعي المعلن والغاية الإصلاحية التي يُفترض أن يخدمها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى