خطر ديموغرافي على الأبواب: خصوبة تحت عتبة التجديد وشيخوخة تلوح

حسين العياشي

أطلق مصطفى إبراهيمي، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، جرس الإنذار بشأن المنحى الديموغرافي في المغرب، مستنداً إلى الأرقام الأخيرة للإحصاء الوطني التي تُظهر تراجع معدل الخصوبة إلى 1,97 طفل لكل امرأة. واعتبر أن هذا المؤشر “خطير” لِما يحمله من دلالات على تعثر تجديد الأجيال وتباطؤ النمو السكاني، بما ينذر – بحسب تعبيره – بشيخوخة المجتمع وانعكاسات مباشرة على توازنات صناديق التغطية الصحية، التي “يُستهلك نصف ميزانيتها في علاج الأمراض المزمنة”.

وخلال مداخلته في جلسة مناقشة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية لسنة 2026، الأربعاء الماضي، دعا إبراهيمي الحكومة إلى إيلاء أولوية قصوى لبرامج دعم الخصوبة ومكافحة الأمراض المزمنة ضمن هندسة الميزانية، محذّراً من كلفة “إهمال هذا الملف” على المدى المتوسط والبعيد. وشدّد على أن المعالجة الناجعة تتطلب سياسة وقائية طموحة، وربطاً محكَماً بين التمويل والنتائج، حتى لا تبقى الأرقام مجرد اعتمادات دون أثر ملموس على حياة المواطنين.

وفي سياق نقده لأداء القطاع، وجّه البرلماني انتقادات حادة إلى وزارة الصحة، معتبراً أن التوسّع في إحداث المديريات و“تقزيم أدوار بعضها” يكرّس ما سماه “ريعاً إدارياً يُبدِّد المال العام”. كما هاجم قرار اندماج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مؤكداً أن الخطوة “أقصت نحو 650 ألف طالب من الاستفادة من الخدمات”.

وعلى الرغم من إشادته برصد 40 مليار درهم لقطاع الصحة، تساءل إبراهيمي عن الأثر الفعلي لهذا الغلاف المالي، قائلاً إن “المهم ليس حجم الاعتمادات، بل مردوديتها”، وملاحظاً “غياب التزام حقيقي” في العلاقة مع المؤسسات الصحية والمستشفيات. وفي الاتجاه نفسه، أبدى استغرابه من غياب تفاعل الحكومة مع تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي أشار إلى إقصاء 8,5 ملايين مغربي من منظومة الحماية الاجتماعية، معتبراً أن ذلك يتقاطع مع “عدم احترام الأجندة الملكية الخاصة بتنزيل هذا الورش الوطني الكبير”.

وامتد نقده إلى السياسة الدوائية، إذ اعتبر قرار الحكومة خفض الرسوم الجمركية على استيراد الأدوية “ضربة للصناعة الوطنية”، داعياً إلى “إصلاح شامل” يوازن بين حماية الإنتاج المحلي وصون القدرة الشرائية للمواطنين، ويضمن في الوقت نفسه أمن الدواء وجودته وتوفّره.

وختم إبراهيمي مداخلته بالتشديد على أن اللحظة تقتضي انتقالاً من التدبير بالأرقام إلى التدبير بالنتائج، عبر حكامة صارمة، وبرامج صحية ووقائية واضحة الأهداف، وتمويل مشروط بالأثر، حتى تُترجَم الاعتمادات المرصودة إلى خدمات ملموسة تُعيد الثقة في المنظومة وتستجيب لتحديات التحوّل الديموغرافي والصحي في البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى