تحقيقات “باركيرا” تكشف عن شبكة معقدة لتهريب المهاجرين من المغرب إلى إسبانيا

حسين العياشي
في إطار التحقيقات القضائية الإسبانية حول عملية “باركيرا”، كشفت السلطات عن شبكة معقدة لتهريب المهاجرين، تعمل بين المغرب ومدينة سبتة، ثم تمتد إلى البر الرئيسي الإسباني. وتكشف التفاصيل التي أوردها الحرس المدني الإسباني عن أسلوب متقن يتبعته الشبكة، الذي يعتمد على تقنيات تجسس متطورة على دوريات الحرس المدني، بهدف ضمان سرية العمليات ونجاحها.
تتبع أفراد الشبكة تحركات الدوريات البحرية للحرس المدني بعناية، مستخدمين قوارب ترفيهية للتنقل تحت ستار نشاط صيد وهمي. بينما كانوا يخفون المهاجرين في منازل مجهزة في سبتة، استعدادًا لنقلهم إلى البر الرئيسي الإسباني مقابل مبالغ ضخمة قد تصل إلى 5000 يورو عن كل شخص، في حين يحصل سائق القارب على 1000 يورو من هذه المبالغ.
أظهرت التحقيقات أن الشبكة تتمتع بهيكل تنظيمي محكم، إذ يتولى خمسة قادة مسؤولية اتخاذ القرارات الرئيسة، بعضهم لديهم سوابق في تهريب المهاجرين. كما تضمنت الشبكة سائقين ومتعاونين مهمتهم استقطاب المهاجرين وإيوائهم في أماكن آمنة. وكان من اللافت أن التحقيقات كشفت عن وجود صلات عائلية بين بعض الأعضاء، مما يضفي طابعًا من السرية والترابط على عمليات الشبكة.
أعطت المصادر الأمنية في الحرس المدني تفاصيل دقيقة حول اللوجستيات المعتمدة في العمليات، مشيرة إلى أن المهاجرين كانوا يتلقون الطعام والماء ويُخفون في منازل خاصة قبل كل رحلة، ليس من باب حماية حياتهم فقط، ولكن لضمان عدم فقدان الأموال التي دفعها المهاجرون مقابل وصولهم إلى البر الإسباني.
اعتمدت الشبكة على مراقبة دائمة لدوريات الحرس المدني، وذلك عبر مواقع محددة على الساحل وفي الموانئ، حيث كان يتم تنبيه سائق القارب فور ملاحظة أي تحرك مريب، ما يؤدي إلى إلغاء الرحلة في حال وجود خطر. كما استخدموا أسلوب تغيير الطواقم على القوارب، بهدف تقليل فرص تعقبهم. إذ تنطلق القوارب من الميناء الرياضي في سبتة، ليقوم طاقم آخر بقيادة القارب نحو البر الرئيسي، مما يعكس التنسيق العالي والتخطيط المدروس لتجنب الكشف.
وتشير التحقيقات إلى أن الشبكة بدأت عمليات التهريب منذ عام 2022، مع مراقبة دقيقة للظروف البحرية وتحركات الحرس المدني، إضافة إلى تنقلات متكررة للأعضاء إلى البر الرئيسي الإسباني دون وجود مبررات عمل أو وظائف رسمية لتلك التنقلات.
وتؤكد المصادر أن الشبكة كانت تستفيد من الظروف الجوية الضبابية لتنفيذ عملياتها، حيث كانت تلك الأوقات تُعد فرصة لتجنب اكتشاف الأنشطة غير القانونية. وبفضل هذا التنسيق المحكم، كانت كل خطوة محسوبة بعناية فائقة لضمان نجاح العمليات.
أسفرت عملية “باركيرا” حتى الآن عن احتجاز 11 شخصًا، بينهم القادة الخمسة المسؤولين عن إدارة الشبكة. وبينما تم اتخاذ إجراءات احترازية بحقهم، لا تزال التحقيقات جارية، مع احتمالية توسيع القضايا القضائية ضد شركاء آخرين في الشبكة، في ظل جهود مستمرة لتفكيك هذه الشبكات المعقدة للتهريب غير القانوني للمهاجرين.





