البريكي يفضح احتكار البذور الزراعية: خمسة أشخاص يتحكمون في السوق ويُنهكون الفلاحين

حسين العياشي

أثار النائب البرلماني عبد القادر البريكي، عن حزب الحركة الشعبية، خلال مناقشة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الفلاحة، قضية اعتبرها من أخطر مظاهر الاختلال داخل القطاع الفلاحي، تتعلق بـالاحتكار المقنع في سوق البذور بالمغرب.

ففي مداخلة قوية، انتقد البريكي استمرار هيمنة قلة من الأشخاص على عملية استيراد البذور الفلاحية، محولين هذا النشاط الحيوي إلى مجال مغلق تتحكم فيه مصالح محدودة، لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، تحدد الأسعار وفق اتفاقات ضمنية بينها، بعيدًا عن منطق المنافسة والشفافية.

وضرب مثالًا صارخًا ببذور البصل التي وصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى 4000 درهم، متسائلًا كيف يُعقل أن يُطلب من الفلاح، بعد كل ما يتحمله من مصاريف الإنتاج وتكاليف السقي والأسمدة، أن يبيع منتوجه بأسعار “معقولة” تضمن التوازن في السوق؟ نفس الصورة تتكرر – يضيف النائب – في سوق بذور البطاطس، التي قفز ثمنها السنة الماضية إلى 25 درهمًا للكيلوغرام، رغم أن سعرها الحقيقي لا يتجاوز 9 دراهم. والأسوأ، أن الفواتير الرسمية تُثبت أنها بيعت بعشرة دراهم فقط، في حين يؤدي الفلاح ثمنًا يفوق الضعف، فأين يذهب هذا الفارق؟ ومن المستفيد من هذه الهوامش الخفية؟.

كما أشار البريكي إلى أن اختفاء مؤسسة “سوناكوس” من لعب دورها التقليدي في السوق ترك فراغًا خطيرًا استغله المستوردون الخمسة الكبار لفرض منطقهم الخاص. فهذه المؤسسة كانت تضمن – على حد قوله – نوعًا من التوازن من خلال توفير البذور بأسعار معقولة، مما كان يجبر باقي الفاعلين على مراجعة هوامش أرباحهم. أما اليوم، ومع غيابها، فقد تحوّل السوق إلى فضاء مفتوح للاحتكار ورفع الأسعار دون حسيب أو رقيب.

ولم يقف البرلماني عند هذا الحد، بل وسّع دائرة الملاحظة لتشمل أسواق القرب، حيث تتكرر نفس المفارقة بين أسعار الجملة وأسعار التقسيط، إذ تُباع الخضر والفواكه للمستهلك بأثمنة مضاعفة دون مبرر واضح، مما يعكس – في رأيه – خللًا في سلاسل التوزيع وغياب الرقابة الفعلية على الوسطاء والمضاربين.

وختم البريكي مداخلته بالتأكيد على أن هذه الممارسات تُضعف الثقة في السوق الفلاحية، وتُرهق الفلاحين الصغار الذين يجدون أنفسهم الحلقة الأضعف في منظومة تتغذى على غياب الشفافية. ودعا وزارة الفلاحة إلى تحمل مسؤولياتها في مراقبة الأسعار وضمان المنافسة العادلة، حمايةً للفلاح والمستهلك على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى