أزمة النخالة تفجّر غضب الكسابة وتربك سوق الأعلاف بالمغرب

حسين العياشي
تعيش الأوساط الفلاحية هذه الأيام على وقع توتر متصاعد، بعدما تحولت فرحة مربي الماشية ببداية صرف الدعم الحكومي المخصص للأعلاف المركبة وحماية إناث الأغنام والماعز إلى حالة من القلق والامتعاض. فبينما كان الكسابة ينتظرون انفراجاً يخفف عنهم أعباء الموسم، باغتتهم موجة جديدة من الزيادات المفاجئة في أسعار الأعلاف، وعلى رأسها مادة النخالة، التي قفز ثمن كيسها في بعض المناطق بنحو 30 درهما ليبلغ حدود 130 درهماً، وفق ما أورده مهنيون من داخل القطاع.
هذه الزيادة، التي وصفها مربو الماشية بـ«غير المفهومة»، سرعان ما أثارت موجة غضب واسعة اجتاحت صفحات ومجموعات تربية الماشية على منصات التواصل، وصلت حد الدعوة إلى مقاطعة النخالة، وسط اتهامات للشركات الموزعة بـ«استغلال الدعم» ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه. وفي خضم هذا الجدل، خرج تجار أعلاف وفاعلون مهنيون ليدافعوا عن موقفهم، معتبرين أن الزيادات «مبررة» بسبب ارتفاع أسعار الشعير المستورد وتراجع نشاط عدد من المطاحن خلال هذه الفترة.
وتعمّقت موجة التخوف بعد توقف بعض المطاحن عن العمل، خصوصاً عقب الضجة التي أثارتها تصريحات أحد البرلمانيين بشأن «طحن شركات للورق وتقديمه كدقيق مدعم»، ما خلف ارتباكاً في السوق واضطراباً في توفر النخالة بشكل لافت.
ورغم الأصوات الداعية إلى المقاطعة، يعتقد كثير من الفاعلين في القطاع أن الأمر أقرب إلى رد فعل عاطفي منه إلى خيار عملي، على اعتبار أن شريحة واسعة من الكسابة ما تزال تعتمد بشكل تقليدي على النخالة والشمندر كمواد علفية أساسية. ويشيرون في المقابل إلى وجود بدائل أقل تكلفة وأكثر مردودية مثل كوك الصوجا، إلا أن مقاومة تغيير العادات القديمة لا تزال تحول دون إدماج هذه الحلول على نطاق واسع.
وفي النهاية، يبقى مربو الماشية هم الحلقة الأضعف في هذه السلسلة المتشابكة، عالقين بين غلاء الأعلاف ومحدودية الدعم، في وقت تتصاعد فيه الحاجة إلى تدخل فعّال من الجهات الوصية لضبط قنوات التوزيع وتشجيع اعتماد أعلاف بديلة أكثر استدامة، حفاظاً على توازن هذا القطاع الحيوي وقدرته الإنتاجية.





