اليماني يفضح لعبة شركات المحروقات: أرباح فاحشة وأسعار تحرق جيوب المغاربة

حسين العياشي
عادت قضية أسعار المحروقات إلى الواجهة مجددًا، بعدما واصلت الكلفة التي يؤديها المواطن المغربي صعودها المستمر. فثمن الغازوال يصل اليوم إلى حوالي 10.90 دراهم، بينما يباع البنزين بما يقارب 12.60 درهمًا، وهي مستويات تتجاوز بكثير الأسعار التي كانت معتمدة قبل قرار تحرير السوق سنة 2015. وكل ذلك بفارق لا يقل عن 1.3 درهم للغازوال وأكثر من درهمين للبنزين، ما يعيد طرح السؤال القديم الجديد حول الأسباب الحقيقية لهذا الارتفاع المزمن.
في تصريحه ل”إعلام تيفي”، أكد الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن هذا الوضع ليس وليد الصدفة، بل نتيجة مباشرة لهيمنة الشركات الكبرى على السوق بعد التحرير، في غياب فعلي لدور مجلس المنافسة الذي تحول إلى مؤسسة تنتج تقارير بلا أثر يُذكر، بعد الاكتفاء بغرامات تفاوضية لم تغيّر شيئًا من موازين القوى داخل السوق. مضيفًا، أن استمرار تعطيل تكرير البترول وإبقاء مصفاة سامير خارج الخدمة لم يكن مجرد إهمال تقني، بل خيارًا ترتّبت عنه كلفة باهظة، وجعل المغرب أكثر هشاشة أمام تقلبات الأسواق العالمية.
وبعقلية النقابي الذي يعتبر الأمن الطاقي ركيزة للاستقرار الاجتماعي، يؤكد اليماني أن استعادة التوازن يمرّ عبر خطوات واضحة: العودة إلى تقنين الأسعار، وإحياء مصفاة المحمدية واستئناف تكرير البترول، وتخفيف العبء الضريبي الذي يشكّل جزءًا كبيرًا من السعر النهائي. ويشدّد على أن تدخل الدولة بات ضرورة، بعدما تحولت الأسعار إلى عامل مُدمّر للقدرة الشرائية ودافع مباشر نحو التضخم وارتفاع كلفة الخدمات والسلع.
الأرقام التي يكشفها اليماني تزيد من حدة الصورة؛ فإلى غاية نهاية 2024، بلغت الأرباح المتراكمة للشركات ما يقارب 80 مليار درهم، مع توقعات ببلوغ 90 مليار درهم في نهاية 2025. وهي أرباح يصفها بـ”الفاحشة”، خاصة إذا علمنا أن السنوات الأولى بعد التحرير وحدها سجلت 17 مليار درهم من الكسب الإضافي.
في حديثه، لا يبدو الحسين اليماني مجرد ناقل للمعطيات، بل شاهدًا ومحللًا ومُنبهًا. يربط الخيوط بوضوح، ويعيد طرح الأسئلة التي يتهرب الفاعلون من مواجهتها: إلى متى سيظل المواطن يؤدي ثمن اختلالات سوق المحروقات؟ وكيف يمكن لبلد دون تكرير ودون تقنين أن يحمي نفسه من انفلات الأسعار؟
بهذه المقاربة، يثبت اليماني مرة أخرى موقعه كواحد من أكثر الأصوات حضورًا في ملف المحروقات، صوت يضع الأرقام في سياقها، ويمنح النقاش عمقه الحقيقي، ويذكّر بأن الحلول ممكنة حين تتوفر الإرادة السياسية.





