الجفاف يهدد الأمن المائي في المغرب وسط ازدهار صادرات الفواكه والخضروات

حسين العياشي
يعاني المغرب منذ سبع سنوات من جفاف ممتد، مما أدى إلى ندرة حادة في الموارد المائية. ورغم هذه الأزمة، تواصل البلاد تصدير كميات ضخمة من المنتجات الفلاحية إلى الأسواق العالمية، خاصة السوق الإسبانية، مما يثير تساؤلات جادة حول أولويات السياسات الزراعية وإدارة الموارد الحيوية في ظل حاجة وطنية ملحة للمياه.
بحسب بيانات خدمة “إستاكوم” التابعة لوكالة الضرائب الإسبانية، شهدت الفترة بين 1 يناير و31 أغسطس 2025 تصدير المغرب نحو إسبانيا نحو 75.15 مليون كيلوغرام من الفلفل، ما يعادل 17.38% من إجمالي واردات إسبانيا من المنتجات الفلاحية، بقيمة بلغت 103.32 مليون يورو وبسعر متوسط 1.37 يورو للكيلوغرام. تمثل هذه الكميات زيادة كبيرة بنسبة 119.3% مقارنة بنفس الفترة من عام 2016، حيث كانت الواردات لا تتجاوز 34.27 مليون كيلوغرام بقيمة 41.11 مليون يورو.
أما الطماطم، فقد احتلت المرتبة الثانية في قائمة المنتجات الزراعية الأكثر تصديرًا، إذ استوردت إسبانيا 55.33 مليون كيلوغرام من المغرب، ما يشكل 12.79% من إجمالي وارداتها، بقيمة 93.56 مليون يورو وبسعر متوسط 1.69 يورو للكيلوغرام. مثلت هذه الكميات زيادة بنسبة 147.7% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، حيث كانت الواردات تبلغ 22.34 مليون كيلوغرام فقط بقيمة 19.38 مليون يورو.
في المركز الثالث جاء البطيخ، الذي صدّر المغرب منه نحو 49.51 مليون كيلوغرام إلى إسبانيا، ما يمثل 11.45% من مجموع الواردات، وبقيمة بلغت 49.92 مليون يورو وبسعر متوسط 1.01 يورو للكيلوغرام. سجل هذا المنتج زيادة بنسبة 29.7% مقارنة بالفترة نفسها قبل سبع سنوات، حيث كانت الكميات لا تتجاوز 38.7 مليون كيلوغرام بقيمة 19.91 مليون يورو.
أما الفاصوليا الخضراء، فقد تم تصدير 44.94 مليون كيلوغرام إلى إسبانيا، ما يشكل 10.39% من إجمالي الواردات، بقيمة 100.29 مليون يورو وبسعر متوسط 2.23 يورو للكيلوغرام. ورغم هذا الرقم الكبير، فقد شهدت الكميات انخفاضًا بنسبة 27.2% مقارنة بعام 2016، حيث كانت الواردات تبلغ 61.75 مليون كيلوغرام بقيمة 99.52 مليون يورو.
تعد هذه الأرقام مؤشراً على استمرار الطلب الكبير على المنتجات الزراعية المغربية في الأسواق الأوروبية، إلا أنها تثير أيضًا قلقًا بشأن استدامة هذا التصدير في ظل أزمة المياه الحالية. في الوقت الذي يعاني فيه المغرب من الجفاف، تظل الأسئلة قائمة حول كيفية إدارة الموارد المائية في ظل تزايد حاجة البلاد إلى المياه في مختلف القطاعات، وخصوصًا في القطاع الزراعي الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الموارد.
بينما تواصل الحكومة المغربية تنفيذ استراتيجيات لتعزيز الإنتاج الزراعي وزيادة الصادرات، تظل مسألة توجيه السياسات الزراعية نحو ضمان استدامة الموارد المائية أمرًا بالغ الأهمية. فالتصدير المكثف للمنتجات الزراعية في هذه الظروف قد يضع ضغوطًا إضافية على هذه الموارد الحيوية التي تشهد بالفعل شحًا متزايدًا.
في الختام، لا شك أن التحديات التي يواجهها المغرب في إدارة موارده المائية تتطلب رؤية استراتيجية تأخذ في الحسبان الحفاظ على هذه الموارد في الوقت الذي يسعى فيه لتعزيز دوره كمصدر رئيسي للمنتجات الزراعية في الأسواق العالمية، بما يضمن تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.




