من التشريع إلى الممارسة.. أين تعثّر حق المغاربة في الوصول إلى المعلومات؟ (تقرير)

حسين العياشي
أصدرت جمعية سمسم-مشاركة مواطنة وجمعية رواد التغيير للثقافة والتنمية تقرير موضوعاتي في إطار مشروع «الحق في الحصول على المعلومات كآلية للترافع والشفافية والحكامة الجيدة». ويمثّل قراءة معمقة في الدينامية التشريعية والمؤسساتية التي أحاطت بإصلاح القانون رقم 31.13.
ينطلق التقرير من تقييم شامل لواقع تفعيل هذا القانون منذ دخوله حيّز التنفيذ، كاشفًا التحديات القانونية والعملية التي واجهت تنزيله، والظروف التشريعية والمؤسساتية التي ساهمت في الدفع نحو مراجعة مقتضياته. كما يتناول أبرز المبادرات التشريعية والإدارية المرتبطة بمسار الإصلاح، سواء تلك التي أفرزها النقاش البرلماني، أو الصادرة عن لجنة الحق في الحصول على المعلومات، أو التي بادرت إليها الحكومة، مع تحليل لجوهر المقترحات الإصلاحية ومدى توافقها مع المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية.
ومنذ اعتماد القانون رقم 31.13 في مارس 2018، بعد أن أقرّ دستور 2011 الحق في الحصول على المعلومات ضمن منظومة الحقوق والحريات الأساسية، كان يُنتظر أن يشكّل هذا القانون تحولًا نوعيًا في مسار إرساء الشفافية. غير أن المؤشرات الدولية عكست محدودية الضمانات التي يقدّمها مقارنة بتجارب دولية متقدمة، إذ لم يتجاوز تنقيطه في التصنيف العالمي للحق في الحصول على المعلومات، الذي يصدره مركز القانون والديمقراطية، 74 نقطة من أصل 150، وهو ما يضعه ضمن التشريعات ذات الحماية الضعيفة لهذا الحق.
وتُظهر خلاصات التقرير الصادر عن الجمعيتين أنّ الانتقال من إطار قانوني قائم إلى ممارسة فعلية ومؤسسية للحق في الحصول على المعلومات ما يزال رهين مجموعة من الإكراهات المركّبة. فالمعطيات الميدانية التي استند إليها التقرير تكشف فجوة ملحوظة بين ما يتيحه القانون من إمكانات وبين ما يتحقق على أرض الواقع. وتظهر هذه الفجوة في ضعف الوعي المجتمعي، وتراجع ثقافة النشر الاستباقي داخل الإدارات، وتعقيد المساطر، وتفاوت تجاوب الهيئات العمومية مع الطلبات الواردة عليها.
أمام هذا الوضع، اشتدت مطالب الفاعلين بضرورة إدخال إصلاحات جوهرية على القانون رقم 31.13، لتجاوز ما أظهره التطبيق من نقائص، وتكييف مقتضياته مع التحولات الرقمية والاجتماعية ومع متطلبات الشفافية الحديثة. وقد جاءت عدة مبادرات في هذا الاتجاه، إذ تقدّمت فرق برلمانية بمجلس النواب بمقترحات قوانين ترمي إلى مراجعته، كما أصدرت لجنة الحق في الحصول على المعلومات مداولة تدعو إلى تعديله. وعلى المستوى الحكومي، تضمّنت خطة العمل الوطنية للفترة 2024-2027، ضمن مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة، التزامًا بإطلاق مشاورات موسعة حول مراجعة القانون، تمهيدًا لإعداد مشروع تعديلي يُعرض على مسطرة المصادقة.
ويعود التقرير، في ختام مساره التحليلي، إلى تجميع مختلف خيوط هذه الدينامية الإصلاحية، مستعرضًا مسار تنزيل القانون وتحدياته، ومبرزًا الخلفيات التشريعية والمؤسساتية التي حرّكت النقاش العمومي حول مراجعته. كما يقدّم قراءة في أهم المبادرات التشريعية والإدارية، مع التركيز على مقترحات تعديل القانون، وتحليل مضامينها الأساسية وقياس مدى اتساقها مع المبادئ الدستورية والمعايير الدولية المكرّسة لحق الولوج إلى المعلومات. بذلك، يشكّل التقرير مساهمة توثيقية وتحليلية في نقاش وطني متواصل حول واحد من أهم حقوق المواطنة الحديثة وركائز الشفافية في المغرب.





