بنعليلو: مكافحة الفساد تحتاج إلى أسس علمية بعيدة عن المزايدات والانطباعات

حسين العياشي
شدد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، خلال لقاء دراسي حول تقييم أثر سياسات مكافحة الفساد، على أن مكافحة الفساد لا يجب أن تقوم على الانطباعات أو المزايدات، بل على أسس علمية وموضوعية تستند إلى الأدلة القوية. وأوضح أن الهدف من هذا اللقاء هو فتح آفاق جديدة للتفكير في كيفية تعزيز النزاهة، مع التركيز على قياس النتائج الحقيقية التي تحققها السياسات العمومية، بدلاً من الاكتفاء بإحصاء الإنجازات أو حجم النفقات.
وأكد بنعليلو أن التقييم التقليدي الذي يعتمد على مؤشرات شكلية كثيراً ما يخلق وهم الإنجاز، بينما الواقع الذي يعيشه المواطن غالباً ما يكون بعيداً عن تلك المؤشرات. وأضاف أن من الضروري الانتقال إلى مرحلة جديدة تقوم على قياس الأثر الفعلي للسياسات، بحيث يتم التركيز على النتائج التي تؤدي إلى تقليل الممارسات الفاسدة وتحسين جودة الخدمات العامة، مما يساهم في زيادة الثقة العامة.
وفي هذا السياق، أعلن بنعليلو عن مشروع الدليل الوطني لتقييم أثر سياسات مكافحة الفساد، الذي أطلقته الهيئة للنقاش العمومي. ويهدف هذا المشروع إلى إرساء ثقافة جديدة تعتمد على الحساب الممنهج والتقييم المبني على الأدلة، بعيداً عن الأساليب التقليدية التي تعتمد على الأرقام فقط. وأوضح أن هذا الدليل يمثل نتيجة تعاون مثمر مع مجلس أوروبا، ويعتمد على منهجيات علمية متقدمة مثل نظرية التغيير وسلاسل القيم والنتائج. كما يميز بين التتبع الإداري والتقييم الفعلي للأثر، مما يساعد في التحليل الدقيق لنجاح السياسات في مكافحة الفساد.
وأشار رئيس الهيئة إلى أن الهدف الرئيسي لهذا المشروع هو الانتقال من التركيز على الكم إلى التركيز على القيمة الحقيقية لما تم إنجازه، وتحويل النظر من مجرد عرض الإنجازات إلى قياس ما تحقق فعلاً على الأرض لصالح المواطن. وأكد بنعليلو أن نجاح السياسات العمومية يجب أن يُقاس بما تحققه من تحولات حقيقية في حياة المواطنين، وليس بعدد الهيئات أو التقارير التي يتم إصدارها.
وفي ختام حديثه، دعا بنعليلو جميع الأطراف المعنية إلى المشاركة الفاعلة في تطوير هذا المشروع الوطني الذي يفتح الباب أمام تقييم أعمق وأدق لسياسات مكافحة الفساد، ويسهم في بناء أسس أكثر متانة للنزاهة والشفافية في العمل العمومي.





