بويطة: مشروع القانون 16.22 يهدد بقتل مهنة العدول ويزيد من القيود على ممارستها

حسين العياشي

أثارت موافقة المجلس الحكومي على مشروع القانون رقم 16.22 صدمة واسعة وغضباً شديداً في صفوف العدول، حيث عبرت الجمعية المغربية للعدول عن رفضها القاطع لهذا المشروع الذي تهدد ملامحه وجود المهنة، وتنسف المكتسبات القانونية والحقوقية التي كافح العدول من أجلها طوال سنوات طويلة.

وفي تصريح لـ”إعلام تيفي”، شدّد عبد الرزاق بويطة، الكاتب العام للجمعية المغربية للعدول، على أن موقف الجمعية ضد هذا المشروع ليس مجرد اعتراض عابر، بل هو موقف قانوني مدعوم بالأسس الدستورية والحقوقية الراسخة. وأوضح بويطة أن الجمعية ترفع هذا الاعتراض انطلاقاً من مجموعة من المطالب القانونية التي تدافع عن حقوق العدول وتساهم في تحديث المهنة بما يتماشى مع التحديات المعاصرة مثل الرقمنة، وتعزيز الاندماج في النسيج الاقتصادي والاجتماعي.

وأشار بويطة إلى أن العدول قد ظلوا لسنوات طويلة يعانون من قيود تعرقل تطورهم المهني، وكانوا يأملون في إلغاء هذه القيود، وتحرير المهنة من الإكراهات التي تحد من أدائها، خصوصاً التبعية المفرطة للقاضي في العديد من الإجراءات والطلبات المتعلقة بالإيداع. وأكد أن مطلب الإيداع ليس مجرد مسألة شكلية أو تفصيلية، بل هو ضرورة تفرضها الحاجة إلى حماية مصلحة المواطن أولاً، ثم حماية العدول أنفسهم ثانياً، وتحقيق المساواة أمام القانون بين كافة المهنيين في الحقوق والواجبات.

أما في ما يتعلق بمشروع القانون الجديد، فقد أشار بويطة إلى أنه يعيد التمييز بين العدول وغيرهم من المهن القانونية مثل القضاة والمحامون والمفوضون القضائيون، حيث إن هؤلاء لا يحتاجون إلى تدخلات إضافية أثناء تحرير وثائقهم ومستنداتهم. بينما يظل تحرير الوثيقة العدلية مرهوناً بتعدد المتدخلين، مما يعقد الإجراءات ويزيد من المدة الزمنية اللازمة لإنجاز الوثيقة. وهذه الازدواجية في المعاملة، بحسب بويطة، تؤكد أن مشروع القانون لا يساهم في تسهيل العمل العدلي، بل يفرض مزيداً من التعقيدات.

وفي تطور لافت، أكد بويطة أن الجمعية كانت تطمح إلى مشروع قانون يعزز استقلالية المهنة ويحررها من القيود التي تكبلها. إلا أن مشروع القانون الحالي جاء ليزيد من هذه القيود، ويضاعف تدخلات الأطراف الخارجية مثل قاضي التوثيق ورئيس الضرائب ورئيس مجلس الجهة، مما يزيد من تعقيد الإجراءات ويصعب سير العمل. كما أشار إلى أن هذه التعديلات لا تعكس أي منافسة حقيقية في مجال التوثيق، بل تساهم في تعميق الصعوبات التي يواجهها العدول في أداء مهامهم.

أضاف بويطة في تتمة تصريحه أن رفض الجمعية لمشروع القانون رقم 16.22 جاء نتيجة مجموعة من الأسباب الجوهرية التي تتعلق بمصير المهنة. وأكد أن العدول قد عبروا عن رفضهم لهذا المشروع بشكل متصل وواضح، لأن هذا المشروع لم يتمكن من تلبية المطالب الأساسية التي طالما ناضلوا من أجل تحقيقها. بل على العكس، جاء المشروع محملاً بالعديد من الالتزامات والقيود التي تثقل كاهل العدول، مما يجعل ممارستهم المهنية أكثر تعقيداً وصعوبة.

وأشار بويطة إلى أن النصوص الواردة في المشروع تفتقر إلى الحلول الفعالة التي كانت تأمل الجمعية في تضمينها، وبدلاً من تقديم تسهيلات تسهم في تطوير المهنة، فإن المشروع يكرس التحديات القديمة ويزيد من حدتها. واعتبر أن مشروع القانون، في صيغته الحالية، يعد بداية حقيقية لقتل المهنة، حيث يتجه نحو التضييق على العدول بدل من تحريرهم من القيود التي طالما أثرت في قدرتهم على أداء مهامهم بشكل مستقل وفعال.

وأكد بويطة أن الجمعية ستواصل التصدي لهذا المشروع بكل الوسائل القانونية الممكنة، من خلال التنسيق مع مختلف الأطراف المعنية، دفاعاً عن حقوق العدول وحفاظاً على مكانة المهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى