التوقيت المشبوه: لماذا غاب بايتاس عن المجلس الحكومي وحضر في مجلس سيدي إفني؟

حسين العياشي

أثار غياب مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عن أشغال المجلس الحكومي، موجة من الجدل. فمن المعتاد أن يعقد بايتاس ندوته الصحفية بعد كل اجتماع حكومي، غير أن تلك الندوة تأجلت في هذا اليوم بسبب “التزامات أخرى”. لكن ما أثار الاستفهام حقاً هو حضوره في نفس اليوم في المجلس الجماعي لسيدي إفني، للمشاركة في الدورة العادية للمجلس، بعد غياب طويل عن جلساته. هذه المفارقة أعادت طرح التساؤلات حول أولويات الوزير، وهل فعلاً يمكنه تحقيق التوازن بين التزاماته الحكومية والمحلية؟ وهل ينبغي للنخب السياسية أن تواصل الجمع بين عدة تمثيليات، إذا لم تتمكن من التوفيق بينها؟

ما يثير الاستغراب بشكل خاص هو التزامن بين غيابه عن المجلس الحكومي في الرباط وحضوره في سيدي إفني. التوقيت بدا مشبوهًا، وكأن بايتاس يريد أن يُظهر للساكنة أنه يضحي بدوره في المجلس الحكومي من أجل تمثيلهم في هذه الدورة المحلية. فهل سيُرضي هذا التبرير الناخبين الذين منحوه أصواتهم؟ وهل دوافع هذه العودة المفاجئة ترتبط فقط بإحياء الصلة بالمنطقة، أم أن هناك دوافع أخرى وراءها في هذه اللحظة بالتحديد؟

الغياب المستمر لبايتاس عن دورات المجلس الجماعي رغم حضوره المتكرر في الفعاليات السياسية والمناسبات المحلية، أثار موجة من الاستياء في الأوساط السياسية داخل المنطقة. فمن المعروف أن بايتاس يعد من أبرز الشخصيات التي تمثل سيدي إفني في الحكومة، وكان من المتوقع أن يكون له دور أكبر في خدمة القضايا المحلية. غير أن غيابه عن المجلس الجماعي أثار تساؤلات حول مدى التزامه بقضايا المنطقة التي تشهد تحديات تنموية كبيرة.

المواطنون عبروا عن إحباطهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى ضرورة حضور سياسي فعّال يتجاوب مع تطلعاتهم التنموية. فقد أبدى الكثير من النشطاء رغبتهم في أن يتواجد المسؤولون بشكل دائم وسط السكان، خاصة في ظل القضايا العاجلة التي تواجه سيدي إفني، مثل تحسين البنية التحتية، تعزيز العرض الصحي، وتوفير فرص العمل للشباب. فغياب بايتاس عن المجلس الجماعي جعل بعضهم يشعر بأنه لم يلبّ توقعاتهم الشعبية التي طالبت بحضور مستمر يدافع عن مصالح المنطقة.

من ناحية أخرى، يرى البعض أن غياب بايتاس يمكن أن يُفهم في سياق أوسع، حيث أن مسؤولياته الحكومية قد تتطلب منه التواجد المستمر في العاصمة الرباط، ما قد يحد من قدرته على التفاعل المباشر مع الشأن المحلي. وبالرغم من أن عمله يتطلب التواجد في الحكومة وفي البرلمان، إلا أن ذلك لا يعفيه من ضرورة الالتزام بحضور فعال في المجلس الجماعي الذي يمثل المواطنين المحليين، لا سيما في ظل التحديات التنموية التي تواجهها سيدي إفني.

ورغم محاولات بعض الأطراف تبرير غياب بايتاس، إلا أن الاحتجاجات الأخيرة في سيدي إفني ضد تصريحاته حول “جيل زد”، والتي لاقت استياء كبيراً بين الساكنة، كانت بمثابة مؤشر على حالة التوتر التي تعيشها المدينة نتيجة لتهميش مطالبها التنموية. هذه الاحتجاجات كشفت عن فجوة عميقة بين المسؤولين والسكان، وأظهرت أن المنطقة لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الوعود الكاذبة أو الغياب عن الأزمات التي تعيشها.

في الختام، تبقى الأسئلة حول غياب مصطفى بايتاس عن الحياة السياسية المحلية في سيدي إفني مشروعة. ففي وقت تعاني فيه المدينة من تحديات كبيرة في مجالات الصحة، التعليم، وفرص العمل، لا يمكن للغياب المتكرر للوجوه السياسية البارزة أن يمر دون أن يترك بصماته على عجلة التنمية في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى