
حسين العياشي
تستعد غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يوم غد الجمعة، للنظر في ملفين قضائيين من العيار الثقيل، يتعلق الأول بقضية تبديد أملاك الدولة، والثاني بشبهات فساد في صفقات “COP22”. هذه القضايا تشمل مسؤولين كبارًا ومنتخبين ومنعشين عقاريين وموظفين، ما يجعلها تحظى بمتابعة حثيثة من قبل الرأي العام.
الملف الأول يشمل تحقيقًا معمقًا أجرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والذي أدى إلى إحالة المتهمين إلى غرفة الجنايات بعد انتهاء التحقيقات، بتهم تبديد أموال عمومية، والتزوير واستعماله، وتلقي فائدة في عقد. وجاءت هذه القضية في إطار ما يعرف بـ”برنامج مراكش الحاضرة المتجددة”، الذي خصصت له ميزانية ضخمة تتجاوز 600 مليار سنتيم. وقد استغل بعض المسؤولين المنتخبين هذا البرنامج لإبرام صفقات مشبوهة، كما أسس آخرون شركات للظفر بهذه الصفقات وتحقيق مصالح خاصة، ما أدى إلى تبديد الثروات العقارية العامة وتبييض الأموال.
وبينما يتم تأجيل القضية عدة مرات لاستدعاء المندوب الجهوي السابق لأملاك الدولة، يبرز دور الجمعية المغربية لحماية المال العام في هذا الملف، حيث قدمت شكاية إلى الوكيل العام للملك، واستمعت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى رئيس فرع الجمعية في مراكش، صافي الدين البودالي. وقد اعتبر العديد من المتابعين هذا الملف فضيحة كبرى تكشف عن فساد واضح في التعامل مع المال العام، مما دفع إلى فتح تحقيقات حول شبهات غسل الأموال وعقل ممتلكات المتهمين. هذا ما جعل الرأي العام يتوقع تسريع المحاكمة، خاصة مع تزايد المخاوف من محاولات التأجيل المستمرة لهذه القضية الشائكة.
وفي هذا السياق، يأتي تعليق محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، الذي أكد أن الرأي العام يتطلع إلى دور حاسم للسلطة القضائية في محاربة الفساد ومعاقبة “لصوص المال العام” و”مبيضي الأموال”، وفق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. ويأمل الغلوسي أن يضرب القضاء بيد من حديد على كل من يعبث بالمال العام. كما يراهن الرأي العام ‘لى إعمال القانون شجاعة ومحاكمة المتورطين في هذه القضايا ليكونوا عبرة للآخرين.
أما الملف الثاني فيتعلق بشبهات فساد طالت صفقات “COP22″، التي خضعت للخبرة القضائية، رغم الطعن الذي قدمه الوكيل العام للملك في نتائج الخبرة، معتبرًا أنها لم تلتزم بالمعايير القانونية. وقد تم استدعاء الخبيرين للاستماع إليهما في الجلسة السابقة، كما أمرت المحكمة بإعداد تقرير تكميلي في جلسة الجمعة. ومع استكمال الإجراءات القضائية، يتابع الرأي العام بحذر تطورات هذه القضية، معربًا عن أمله في أن يتم اتخاذ إجراءات حاسمة تساهم في تخليق الحياة العامة وتقطع الطريق على الإفلات من العقاب.
وتابع الغلوسي تأكيده في هذا الإطار، على أن الجمعية المغربية لحماية المال العام تواصل التنسيق مع المنظمات الحقوقية الوطنية، حيث تعمل على اتخاذ خطوات نضالية وقانونية بخصوص هذين الملفين. وأعلن عن أن الجمعية ستعلن عن هذه الخطوات قريبًا، مؤكدة حرصهم على لعب دورهم الحقوقي والوطني في مكافحة الفساد، وذلك في إطار الشرعية والمشروعية.
وبينما تنتظر الأطراف المعنية والأوساط المدنية والحقوقية الحكم في هاتين القضيتين، يظل الأمل معقودًا على القضاء المغربي ليحمي المال العام ويعزز العدالة الاجتماعية في مواجهة فساد يتغول بشكل متسارع، مهددًا أمن الدولة والمجتمع على حد سواء.





