إصرار السائحين يجدد الحياة في مراكش بعد الزلزال: بين الأمل والتحديات
السائحة الألمانية كيرين فيشر قررت بجرأة البقاء في مدينة مراكش، مع العلم أن الزلزال قد دمر محيطها وبعض المباني في المدينة العتيقة. لم تتردد كيرين، البالغة من العمر 35 عامًا، في مواصلة رحلتها السياحية رغم الحادث الصادم.
كانت كيرين تقوم بجولة سياحية بصحبة مجموعة من أربعة مسافرين عندما هز الزلزال الأرض تحت أقدامهم في ليلة الجمعة، وهذا الزلزال كان أعنف زلزال يضرب المغرب. تم إجلاء الجميع من الفندق الذي كانوا يقيمون فيه.
بالرغم من الدمار الذي ألحقه الزلزال بأجزاء من المدينة العتيقة، التي تعتبر وجهة رئيسية للسياح في مراكش، قررت كيرين البقاء وقالت: “لن نجعل الزلزال يفسد كل شيء. لم نتلق إنذارات بخطورة كبيرة، لذا قررنا مواصلة برنامجنا”.
معظم الزوار الآخرين كانوا مترددين بشأن ما إذا كانوا يجب عليهم مغادرة المدينة أم لا. يقول السائح دومينيك اوبير البالغ من العمر 26 عامًا: “لا نزال محتارين فيما إذا كنا ننبغي أن نغادر أم لا، لكن الأمور تبدو نسبيا آمنة. إذا بقينا هنا، سنساهم بكل تواضع في دعم المغاربة”.
تبدو المناطق المتضررة مع الركام المتناثر والجدران المتصدعة باللون الأحمر المميز للمدينة. وتاريخ مراكش يمتد إلى القرن الحادي عشر، حيث كانت عاصمة للدولة المغربية لعدة قرون، وهي اليوم تعد مكانًا مصنفًا ضمن التراث الإنساني لليونسكو.
معظم الزوار يتجنبون القيام بجولات كاملة حول المدينة العتيقة، ولكنهم يستمتعون بمرورهم بمعظم معالمها.
تتواجد قوات الأمن في المنطقة لمساعدة السياح وتقديم المعلومات حول المواقع المفتوحة للزوار. السياح يأملون في عدم تأثر مدة رحلاتهم بسبب الزلزال.
على الرغم من مخاوف الزوار، أكدت نقابة الوكالات الفرنسية للسفر أن زبائنها في مراكش لم يصابوا بأذى بناءً على المعلومات المتاحة.
مع ذلك، فإن الهدوء يسود الأجواء في أزقة المدينة العتيقة، وهذا قد أثر على النشاط السياحي في المدينة بشكل عام.
على الرغم من أن معظم الضحايا سقطوا في القرى والبلدات المحيطة بمراكش، إلا أن هذه الكارثة تسببت في مخاوف من تأثيرها على اقتصاد المدينة الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة.
كان القطاع السياحي قد عاد إلى نشاطه هذا العام في المغرب بشكل عام وفي مراكش بشكل خاص، حيث زار المملكة نحو 6.5 مليون سائح، معظمهم من أوروبا، خلال النصف الأول من عام 2023، مما يشير إلى ارتفاع بنسبة 92 في المائة مقارنة بالعام السابق.
ومع ذلك، بدأ الزلزال يؤثر على حجوزات بعض الزوار، مما أدى إلى إلغاء رحلات مبرمجة حتى أكتوبر. يعبر دحمان زياني، مدير حمام تقليدي في المدينة، عن قلقه قائلاً: “ألغت مجموعات كاملة من السياح حجوزاتها خوفًا من ت
داعيات الزلزال. لكن يجب أن نقول للناس أن الأمور هنا ليست كما في تركيا”. يشير زياني إلى الزلزال الذي ضرب تركيا في الماضي وأسفر عن العديد من الخسائر البشرية.
يختم زياني بقوله: “المدينة العتيقة هي رمز مراكش، إنها مكان يفخر به الجميع. السياحة تمثل 99 في المائة من إيراداتنا. إذا توقفت، ستتوقف كل شيء”. هذا يجسد التأثير السلبي الذي يمكن أن تكون له الكوارث على الاقتصاد المعتمد على السياحة في المدينة، وهو مشهد شهدناه خلال أزمة كوفيد-19 التي فرضت إغلاقًا صارمًا على القطاع لعدة أشهر.
في النهاية، تبقى آمال الناس أن تبتعد هذه الكارثة ولا تكون لها تداعيات طويلة الأمد.