عدم المساواة في الأجور بين الجنسين..ما يجب أن تعرفه
بشرى عطوشي
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة لسنة 2024، والذي يحتفل به تحت شعار “الاستثمار لصالح المرأة: تسريع الوتيرة”، ساهمت المندوبية السامية للتخطيط في هذا التكريم من خلال تسليط الضوء على وضعية المرأة في المغرب وعلاقتها بالفوارق المسجلة في الأجور حسب النوع، وتأثير دور التمييز بين الجنسين على هذه الوضعية.
وحسب نشرة إخبارية، عرفت المندوبية الفوارق في الأجور بين الرجال والنساء بالفجوة في الأجور بين الجنسين، والتي يتم قياسها من خلال الفرق في متوسط أجورهم ويُعبَّر عنها كنسبة مئوية من أجر المرأة. وتعبّر هذه الفجوة عن النسبة التي ينبغي أن يرتفع بها الأجر الإجمالي للنساء ليصبح متساويًا مع أجر الرجال.
وأظهرت التحليلات الواقعية لسوق العمل أن هذه الفوارق ترتبط ارتباطا وثيقا بالتسلسل الهرمي للأجور وبمميزات فردية عديدة خاصة مستوى التعليم أو الخبرة المهنية أو الفئة السوسيومهنية أو السن.
وبالإضافة إلى هذه المميزات الفردية، هناك عوامل تتعلق بالتمييز الجنسي، حيث تحصل المرأة الأجيرة، في المتوسط، على أجر أقل من أجر الرجل، وذلك بمؤهلات مهنية متساوية.
وأظهرت النشرة الفوارق بين الرجل والمرأة في العمل المأجور، حيث أشارت إلى أنه في سنة 2019، بلغت نسبة النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و60 سنة 32،2 في المائة من مجموع الأجراء في الوسط الحضري، وتظل هذه النسبة أقل من تلك المسجلة لدى الرجال والتي بلغت 67،8 في المائة، وتترجم هذه الفجوة على مستوى مؤشر التكافؤ بمقدار 2،1، أي من بين 31 أجيرا هناك 10 نساء و21 رجلا.
وأظهرت النشرة بأن مؤشر التكافؤ في السوق الشغل يتأثر بشكل كبير بالتقدم في السن، حيث بلغ 1،8 بالنسبة للفئة العمرية بين 18 و29 سنة، و2،4 بالنسبة للبالغين بين 30 و40 سنة و2،1 بالنسبة لفئة ما بين 45 و60 سنة.
وتعزى التمثيلية الناقصة للمرأة بين المأجورين إلى انخفاض مشاركتها في الحياة العملية. فبالإضافة إلى كون معدل نشاط النساء أقل بكثير من معدل نشاط الرجال، يعرف هذا المعدل انخفاضا مستمرا على مر السنين، حيث انتقل من 30,4 في المائة في سنة 1999 إلى 21,5 في المائة سنة 2019.
كما أن النساء يعانين من البطالة طويلة الأمد، 12 شهرا فما فوق، بشكل أكبر من أقرانهن الذكور، وذلك بنسبٍ بلغت 76,3 في المائة و63,8 في المائة على التوالي، ويرجع ذلك بالأساس إلى انكماش عرض العمل وما يترتب عليه من تفاقم البطالة في المناطق الحضرية.
وعلاقة مع الرأس مال البشري، فلا يزال مستوى تكوين المأجورين محدودا، حيث أن أكثر من نصفهم (56,7 في المائة) لا يمتلكون أي مستوى تعليمي أو لم يتابعوا التعليم الثانوي. أما حسب الجنس، فتفوق نسبة الرجال (59,2 في المائة) نسبة النساء (51,5 في المائة) في هذه الفئة من المأجورين. ويفسر هذا المستوى المنخفض من التأهيل بشكل نسبي بتأثير الأجيال والصعوبات التي تواجه إدماج الخريجين الشباب في سوق العمل.
وأظهرت النشرة أنه من حيث طول الخبرة المهنية، يظهر الفرق بين الرجال والنساء تقدما واضحا لصالح الرجال والذي يزداد مع تقدم العمر. ففي بداية الحياة المهنية، يصل هذا الفارق في المتوسط إلى 0,4 سنة بين المأجورين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة، ثم يرتفع ليصل إلى عامين بين أولئك الذين ينتمون للفئة العمرية 30-40 سنة، في حين يصل إلى 2,5 سنة بين المأجورين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 سنة.
أما من حيث التكافؤ، وبالنسبة لنفس المستوى التعليمي، لا يزال المأجورون الذكور يهيمنون على سوق الشغل، إلا أن حصتهم تعرف تراجعا ملحوظا مع تحسن مستوى التعليم. وكمثال على ذلك، فإن مؤشر التكافؤ انتقل من 3,4 لذوي المستوى التعليم الابتدائي إلى 1,5 لذوي المستوى التعليم العالي.
إن تحليل العلاقة الثلاثية “الجنس-الأجر-المهنة” يظهر تفاوتات تكافئ مهمة حسب الفئات المهنية. فالرجال أكثر تمثيلية من النساء بين “المسؤولون التسلسليون والأطر العليا”، حيث يبلغ مؤشر التكافؤ 1,7، وكذلك بين ” الأطر المتوسطة والمستخدمين ” (1,5). هذا، ويتضح جليا هذا التفاوت بين “الحرفيون والعمال المؤهلون” حيث يصل مؤشر التكافؤ إلى 3,4، وبين ” العمال اليدويون غير الفلاحيون ” حيث يصل إلى 2,0.
وفي المجمل، يبدو أن الفوارق بين الجنسين في مجال العمل المأجور هو واقع راسخ في سوق الشغل. وتظهر مصادر هذا التفاوت إلى أي مدى تحدد الخصائص الفردية للمرأة مكانتها في هذا السوق، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تفاقم فجوة الأجور بين الجنسين.
ولوحظ أن الفجوة في الأجور متباينة بوضوح حسب الفئة السوسيومهنية. ففي السنوات الأولى من الحياة المهنية، تكون هذه الفجوة صغيرة نسبيًا، حيث تتراوح بين 4 في المائة لفئة “المديرين التسلسليين والمهن الحرة والأطر العليا” و9 في المائة بالنسبة لفئة “الأطر المتوسطة والمستخدمين”، قبل أن تصبح أكثر وضوحًا مع تقدم العمر.