بين مشاركة الأساتذة في الإحصاء وتأخر استكمال المناهج..جودة التعليم على المحك

 

خديجة بنيس : صحافية متدربة

قد يواجه قطاع التعليم تحديات كبيرة هذا الموسم، بسبب نقص الأساتذة نتيجة مشاركتهم في عمليات الإحصاء، مما يؤدي إلى تفاوت في جودة التعليم بين المدارس العمومية والخصوصية.

كما أن التأخر في استكمال المناهج الدراسية يضعف التحصيل العلمي للتلاميذ ويؤثر على قدرتهم على اكتساب المهارات اللازمة للانتقال إلى مراحل دراسية أعلى، مما يستدعي حلولاً فعّالة لتحسين جودة التعليم وضمان تكافؤ الفرص.

في هذا الصدد أجرت خديجة بنيس حوارا مع الخبير التربوي عبد الرزاق بن شريج هذا نصه

س= ما هي توقعاتك حول الدخول المدرسي للسنة الدراسية 2024/2025؟

من المعلوم أن المنظومة التربوية تواجه عدة تحديات، من بينها أن التلاميذ لا يتلقون محتويات المقررات الدراسية بشكل كامل خلال السنوات الفارطة، فالسنة الماضية مثلا شهدت تعثراً بسبب احتجاجات الأساتذة لما يزيد عن ثلاثة أشهر، وقبلها توقف الدراسة بسبب كورونا، وهذه السنة أيضاً بدأت بانضمام مجموعة من الأساتذة إلى عملية الإحصاء، مما سيساهم في تعميق الفوارق بين المتعلمين، وغياب تكافؤ الفرص، وخاصة بين تلاميذ التعليم الخصوصي والعمومي، بل حتى بين تلاميذ العمومي فيما بينهم، مما سيقسم المتعلمين إلى ثلاث فئات ؛ الفئة الأولى هي التلاميذ الذين يشارك أساتذتهم في عملية الإحصاء، والتي لن تلج حجرة الدرس إلا في شهر أكتوبر أي بعد ضياع شهر من الدراسة، والفئة الثانية هي التلاميذ الذين لا يشارك أساتذتهم في الإحصاء، سيستفيدون من حصص دراسية ربما ستلجأ الوزارة خلالها إلى الضم والاكتظاظ، وحتى إن تمكنوا من الدراسة خلال شهر شتنبر فستنقصهم بعض المواد (خاصة في الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي)  التي أساتذتها منخرطون في الإحصاء، والفئة الثالثة هي تلاميذ التعليم الخصوصي الذي لم يسبق أن تأثروا بأزمات السنوات السابقة ولن يتأثروا هذه السنة، وبالتالي فهذا التفاوت سيخلق فجوة تعليمية بين التلاميذ، ويغيب مبدأ تكافؤ الفرص الذي تضعه الوزارة كشعار كل سنة.

س= ما هي الحلول الممكنة للتخفيف من هذه الأزمة التعليمية، بصفة عامة؟

بناء على ما تقوم به الوزارة في مثل هذه الحالات من حلول ترقيعية فإنها تلعب فقط على تجاوز الأزمات بشكل مؤقت دون معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة. مما يؤثر بشكل مباشر في مستقبل المتعلمين، فما يسمى بالدعم المنجز من طرف جمعيات غير مختصة أو تقليص زمن الوحدات والمصوغات الدراسية رغم عدم تكوين الأساتذة في منهجية التقليص أي التركيز على المواد الأساسية  وتخفيف زمن بعض المواد الممكن تداركها مستقبلا، فما يهم الوزارة هو وجود المتعلم داخل الحجرة وكتابة تقارير عن استفادة المتعلمين بعيدا عن الشروط الحقيقية للتربية والتكوين، وبالتالي فإن هذه الحلول تؤدي إلى تدهور مستمر في منظومة التعليم، حيث تركز على معالجة الأعراض بدلاً من معالجة الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى هذه الأزمات.

فالحل الأنسب في نظري هو إجراء الإحصاء في شهر غشت، وبذلك يتم تفادي العديد من المشاكل التي ستنشأ نتيجة هذا القرار، حقيقة عملية الاحصاء  استحقاق وطني هام ومهم للدولة في العديد من الميادين والقطاعات ولكن من خلال التخطيط المسبق والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية كان بالإمكان ضمان سير العملية التعليمية دون مساس بالمنظومة التربوية.

المنظومة التربوية معقدة ومتداخلة ولها ارتباطات متعددة بجهات كثيرة وبالتالي فمن الضروري إعادة النظر في السياسات التعليمية الحالية واعتماد استراتيجيات أكثر شمولية وطويلة الأمد تهدف إلى تحسين جودة التعليم وضمان تكافؤ الفرص لجميع التلاميذ. فعلى الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح التلاميذ في المقام الأول، وأن تسعى إلى تعزيز قدراتهم التعليمية بشكل يضمن لهم مستقبلاً أفضل، لأنهم مسؤولو الغد وركائزه.

س= إن كانت تعتمد التقارير دون استفادة المتعلمين من كل الدروس المقررة بشكل فعلي فالامتحانات تكذبها، ونحن نرى أعداد الناجحين نهاية كل سنة دراسية.

الوزارة تعرف بدقة أن هناك نقص في الكفايات المطلوب أن يتمكن منها المتعلم نهاية السنة الدراسية، وهو ما يجعلها تصدر توجيهات لكافة المسؤولين عن الامتحانات لاعتماد الدروس المدرسة لكل التلاميذ فقط، وخاصة في الامتحانات الإشهادية أي تقوم لجن بدراسة ما أنجز من دروس في كل المؤسسات، ويتم الاعتماد على أقل ما درس ليمتحن الجميع في جزء يسير من البرنامج المقرر، وبالتالي يتم تنقيل أكبر عدد ممكن من التلاميذ إلى المستوى الأعلى، حتى وإن كان مستوى تحصيلهم الدراسي لا يسمح بذلك. مما يعمق أزمة جودة التعليم ويؤثر سلباً على مستقبل الأجيال القادمة. لذا، يجب البحث عن حلول دائمة تضمن تحقيق العدالة التعليمية وتكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ، فالتنقيل مجرد قرار والنجاح يحتاج إلى تمكن المتعلم من الكفاية المقرر للمستوى الدراسي.

س= لنعد للحلول، وحتى لا نكون عدميين وكخبير تربوي ما هي الحلول الآنية الممكن؟

إن الحديث عن الحلول الآنية يعني الحلول النسبية التي ستخفف فقط من الأزمة الحالية التي نتوقع حدوثها خلال السنة الدراسية الحالية وبالتالي فحديثي سينصب على الشق التربوي التعليمي، مع الإشارة إلى أن الأمر يحتاج إلى مناقشة الإمكانات والمرتكزات الأخرى الأساسية من بنية تحتية وموارد بشرية ودراسات مستقبلية للمناهج والبرامج، وبالتالي فليس هناك خيارات كثيرة يمكن اعتمادها لتجاوز نسبة من الأزمة، فالممكن هو تقليص عدد أسابيع الدعم المخصصة للدروس، واستغلال زمنها في تقديم الدروس بحيث يُمكن للأساتذة تغطية جميع المواد الدراسية ومفاهيمها الأساسية بشكل شبه كافٍ، فهذه الخطوة، ستمكن نسبيا التلاميذ من استيعاب المعلومات الضرورية دون التأثير على سير المنهاج التعليمي.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى