بن حمو ل”إعلام تيفي”: “نهاية الأسد بدت مبرمجة مسبقًا بين قوى دولية وإقليمية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر صحافية متدربة

أكد محمد بن حمو مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية  أن الأحداث الجديدة في سوريا المرتبطة بسقوط نظام بشار الاسد لم تكن نتيجة سلسلة عشوائية من التطورات، بل بدا الأمر وكأنه خطة مبرمجة بدقة، تمت بالتوافق بين قوى دولية وإقليمية مثل الولايات المتحدة، وروسيا، وتركيا، وأطراف أخرى قد تكون شاركت في هندسة هذا التحول.

نهاية مدروسة أم نتيجة ضغوط؟

وفي تصريح تحليلي، لموقع “إعلام تيفي” أثار المتحدث تساؤلات جوهرية حول طبيعة نهاية نظام بشار الأسد. وقال النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، أصبح عائقًا أمام أي تطور في الأوضاع الداخلية والخارجية للبلاد. وأضاف انسحاب القوات المساندة للنظام وتجنب المواجهات العسكرية الكبرى في العاصمة دمشق يعززان فكرة أن النهاية كانت مبرمجة ومتفق عليها لضمان الحفاظ على التوازن الإقليمي. قائلا ” بدا أن هذا السيناريو صُمم لتجنب الفوضى والحد من الخسائر الإقليمية والدولية، ما يشير إلى أن ملامح هذه النهاية قد وُضعت على طاولة التفاوض منذ فترة طويلة.”

تركيا في قلب التحول

وكشف بنحمو أن تركيا لعبت دورًا محوريًا في هذا التحول الجديد، حيث بدا أنها تدير العملية بحسابات دقيقة تضمن تعزيز نفوذها الإقليمي. لم يقتصر الدور التركي على المساهمة العسكرية أو السياسية المباشرة، بل امتد إلى توفير الدعم اللوجستي والتنسيق مع قوى المعارضة السورية. هذا الدور يجعل تركيا من أبرز الرابحين في هذه المرحلة، خاصة مع احتمالية تعزيز نفوذها في الشمال السوري، يضيف المتحدث

وقال “تركيا لعبت دورًا بارزًا، مباشرًا وغير مباشر، في هذا التحول، بينما يرجح أن تكون إيران أكبر الخاسرين بفقدانها حليفًا استراتيجيًا كان يربطها بحزب الله في لبنان”.

إيران: الخاسر الأكبر

في نفس السياق قال بن حمو “خسرت إيران حليفًا استراتيجيًا بغياب الأسد، ما يعني فقدان حلقة وصل أساسية مع حزب الله في لبنان. هذا التحول قد يؤدي إلى تضييق الخناق على طهران وزيادة عزلتها الإقليمية، خاصة مع استمرار الأزمات الداخلية التي تعصف بها.

وأضاف “في ظل هذا الوضع، قد تسعى إيران إلى تعزيز وحدتها الداخلية عبر تصعيد الخطاب المعادي تجاه خصومها التقليديين مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف تحويل الأنظار عن مشاكلها الداخلية هذا الوضع قد يشكل ضغطًا إضافيًا على إيران، التي تواجه بالفعل تحديات داخلية كبيرة، وربما يدفعها للبحث عن أدوات جديدة لتعزيز وحدتها الداخلية وإيجاد أعداء خارجيين إضافيين”.

روسيا وتوازن المصالح

وأكد بن حمو أن بالرغم من فقدان روسيا لحليفها السوري، إلا أن موسكو نجحت في تأمين مصالحها الأساسية في سوريا، مثل الحفاظ على قواعدها الجوية والبحرية. هذه الخطوة تعكس استراتيجية روسية طويلة الأمد تهدف إلى تقليل الخسائر وضمان موقعها كفاعل رئيسي في الشرق الأوسط.

إضافة إلى ذلك، يشير المدير إلى أن روسيا قد استفادت من هذا الاتفاق لترتيب أوراقها في ملفات أخرى، خصوصًا أزمة أوكرانيا، حيث تسعى إلى فتح قنوات تفاوضية جديدة مع الغرب.

إعادة تشكيل المنطقة

ويرى المتحدث أن القوى الكبرى ترى أن التحولات في سوريا قد تكون بداية لتغييرات أوسع في المنطقة. ويشمل إعادة توزيع الأدوار الإقليمية، حيث تبدو تركيا في موقع الصدارة، بينما تتراجع إيران بفعل خسارة نفوذها في سوريا.

وأعتبر أن هذه المرحلة قد تشكل جزءًا من عملية أوسع لإعادة ترتيب الشرق الأوسط، وهي عملية بدأت مع ما يُعرف بالربيع العربي، الذي اعتبره المحلل “خرابًا عربيًا أكثر من كونه ربيعًا”.

الداخل السوري: حسابات معقدة

فيما يتعلق بالوضع الداخلي، يرى بنحمو أن سوريا تواجه تحديات كبيرة تتعلق بمستقبل المكونات الرئيسية في البلاد. من جهة أخرى، يسعى الأكراد إلى تعزيز مكاسبهم والحصول على حكم ذاتي موسع، وهو أمر يثير مخاوف تركيا التي تخشى من تأثير ذلك على أمنها الداخلي.

وقال “أما بالنسبة للأكراد، فإن مستقبلهم ودورهم في سوريا الجديدة سيظل نقطة حساسة، خصوصًا مع تحفظ تركيا على أي دور كبير لهم قد يؤثر على استقرار المنطقة. وفيما يتعلق بالطائفة العلوية، يبقى التساؤل قائمًا حول كيفية إدماجها أو التعامل معها في المستقبل دون التسبب في ردود فعل انتقامية”.

خطر عودة التنظيمات الإرهابية

ومع سقوط النظام السوري، تظهر مخاوف من استغلال الفراغ السياسي من قبل التنظيمات الإرهابية مثل داعش حسب المتحدث. وقال ” اي انزلاقات او اخفاقات دولية قد يعطي لداعش فرصة للعودة وهو الأمر الذي ترفضه جميع الأطراف ” و” نلاحظ الضربات العسكرية الامريكية  خلال اليومين الأخيرين بمواقع داكش لإضعافها وعدم اعطائها اي فرصة للعودة”. “ضربات الولايات المتحدة الأخيرة ضد مواقع التنظيم تهدف إلى منعه من إعادة تنظيم صفوفه، ولكن يبقى الخطر قائمًا إذا لم تتم إدارة المرحلة الانتقالية بحذر”.

دور الجولاني في المشهد الجديد

لفت المتحدث إلى الدور اللافت للجولاني، الذي بدا أنه يحاول تقديم نفسه كقائد وطني بعيد عن الصورة الجهادية التقليدية. هذا التحول قد يكون بمثابة رسالة طمأنة للقوى الإقليمية والدولية بأن المرحلة القادمة في سوريا ستكون أكثر تركيزًا على الداخل.

وقال “الوضع الداخلي في سوريا  لا يعرف عمليات انتقادات ولا عمليات تخريب كتلك التي شهدتها ليبيا بعد انهيار النظام وكذلك العراق بعد نهاية نظام صدام حسين”

وأضاف “نلاحظ أن هناك نوع من الهدوء ونوع من ضبط النفس وهذا ربما توخي لإشارات من الجولاني على انه رجل مرحلة وأنه يمكن للفرقاء الدوليين والاقليميين أن يقبلوا بوجوده فأكيد أن هناك اطراف عدة داخل سوريا ينبغي أن تؤخد في نظامهم في ما يتعلق بمختلف المعادلات”.

وأكد أن “النظام الذي استطاع الوصول الى دمشق واسقاط النظام السوري من خلال الجولاني هو نظام اسلامي وطني يؤكد بان ا تركيزهم قومي داخلي وطني لمصلحة سوريا دون التوجه الى تصوير أي نوع من الأيديولوجيات او الاعمال خارج سوريا  هي إشارات لطمئنة القوى الغربية”.

مرحلة انتقالية في الشرق الأوسط

في الختام، يشير المحلل إلى أن سقوط نظام بشار الأسد يمثل نقطة تحول كبرى في المنطقة. هذه التحولات قد تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط وتفتح المجال لسيناريوهات جديدة تتطلب تعاونًا دوليًا وإقليميًا لضمان الاستقرار في سوريا ودول الجوار.

وقال “هذه المرحلة قد تكون بداية لعملية إعادة تشكيل أوسع في الشرق الأوسط، بما يعيد صياغة العلاقات والقوى في المنطقة”.

العلاقات المغربية-السورية: آفاق جديدة

يرى المحلل أن النظام الجديد في سوريا قد يكون أكثر وضوحًا واستعدادًا لدعم القضايا المغربية، بما في ذلك الاعتراف بمغربية الصحراء. هذا التحول المحتمل يعتمد على طبيعة التوجهات السياسية للنظام المقبل، ومدى رغبته في بناء علاقات جديدة مع دول المنطقة.

وقال”فيما يخص العلاقة المغربية السورية بعد بشار اعتقد ان هناك امكانية او فرصة لاعتراف سوريا بمغربية الصحراء  الامر مرتبط بتطور الأوضاع داخليا والى من ستعود السلطة بشكل واضح في سوريا”وأضاف ” اذا اعتقد بان هناك فرص الان ليكون الموقف في سوريا ما بعد الأسد اكثر وضوحا واكثر دعما لمساندة مغربية الصحراء والأكيد بان الموقف السوري كان في أحيان كثيرة متأرجحا وضبابيا واحيانا كان اكثر من ذلك ولكن أتوقع ان يكون في المرحلة القادمة اكثر وضوحا واستقرارا”.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى