
إيمان أوكريش: صحافية متدربة
ناقش برنامج “منتدى إعلام تيفي”، الذي تقدمه بشرى عطوشي على قناة “إعلام تيفي”، في إحدى حلقاته الأخيرة، إشكاليات سوق اللحوم الحمراء في المغرب.
استضاف البرنامج بوشعيب الشطاني، عضو الجمعية الإقليمية للجزارين بالمحمدية والمنسق الإقليمي للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية، ونبيل قليعي، عضو الجامعة المغربية لحقوق المستهلك ودكتور باحث في جودة الأغذية.
أكد بوشعيب الشطاني أن الجزارين يشكلون حلقة وصل مهمة بين المستهلكين والمنتجين من الفلاحين والمستوردين، إلا أن وضعيتهم القانونية ما زالت غامضة.
وأشار إلى ضرورة تحديد الجهة الوصية عليهم، سواء كانت غرفة الصناعة التقليدية أو غرفة التجارة، مما قد يساهم في إيجاد حلول للأزمة. كما أوضح أن المخطط الأخضر أدى إلى اختلالات عدة في قطاع تربية المواشي، بما في ذلك سوء تدبير برامج تحسين السلالات، وغياب الرقابة الفعالة على الدعم الموجه للفلاحين.
من جانبه، أرجع نبيل قليعي أزمة اللحوم الحمراء إلى مجموعة من العوامل، أبرزها الجفاف، وغياب استراتيجيات فعالة لدعم القطاع الفلاحي، خاصة الزراعات العلفية.
وانتقد قليعي سوء تدبير برامج التلقيح الاصطناعي، مشيراً إلى ضعف الدراسات المسبقة حول تأثير السلالات المهجنة على الأبقار المحلية. وأضاف أن غياب التتبع الصحي للمواشي وغياب نظام رقابي فعال أدى إلى فوضى في القطاع، مما انعكس على الأسعار بشكل كبير.
كما أشار الضيفان إلى غياب التوزيع الجغرافي العادل للمجازر المعتمدة، حيث لا يتجاوز عددها الإجمالي 9 مجازر في البلاد. واعتبرا أن إدماج المذابح القروية ضمن الصفقات العمومية أسهم في تراجع جودتها، نظراً لتركيز بعض المتعهدين على الربح دون الالتزام بشروط السلامة الصحية.
وطالب قليعي بضرورة إنشاء وكالة مستقلة تعنى بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بدلاً من الاعتماد على المكتب الوطني للسلامة الصحية، الذي يعاني من ضعف الموارد البشرية والمالية.
وأكد على أهمية إشراك الجزارين في وضع السياسات المستقبلية لضمان تحسين سلسلة الإنتاج والتوزيع، مع التركيز على حماية المستهلك وضمان جودة اللحوم.
وخلال الحلقة، تمت الإشارة إلى أن غياب الرقابة وضعف التنسيق بين الجهات الوصية والفاعلين في القطاع أدى إلى أزمة هيكلية في سوق اللحوم الحمراء، مما ينعكس على جيب المستهلك المغربي الذي يواجه صعوبات في تلبية احتياجاته الأساسية من هذه المادة الغذائية.
وصرح الشطاني أن البهائم الحية المستوردة يتم ذبحها في مذابح المستوردين، الذين استفادوا من إعفاء ضريبي (TVA)، مما يثير تساؤلات حول مدى استفادة السوق المحلي والمستهلك من هذه العمليات.
وأضاف أن الأبقار المستوردة لا تغطي الطلب المحلي، مما يتطلب تعزيز المربين المغاربة عن طريق برامج مثل إعارة البهائم، وهو ما يمكن أن يخفف من حدة الهجرة القروية.
كما أشار الشطاني إلى أن عدد الأسواق الأسبوعية في المغرب يبلغ 780 سوقًا، إلا أن الأبقار المستوردة لا تصل إلى كل هذه الأسواق، ما يبرز خللًا في توزيعها وعدم استفادة جميع المناطق منها.
من جهته، أكد نبيل قليعي أن المستهلك المغربي يعاني من غلاء الأسعار، مشيرًا إلى أن استيراد الأغنام في السابق لم يساهم في خفض أسعار الأضاحي، حيث لم يتم بيع الأغنام المستوردة خلال عيد الأضحى.
وأضاف أن قطاع تربية البهائم، الذي كان يشكل مصدر رزق لفئة كبيرة من العاملين فيه، أصبحت اليوم تعاني من البطالة.
كما اقترح دعم الفلاح الصغير عبر إنشاء تعاونيات زراعية تعزز من قدرته على الإنتاج، مع مراجعة التدابير التي اتخذتها الحكومة والتي لم تحقق نتائج ملموسة لصالح المربين أو المستهلكين.
فيما يخص اللحوم المجمدة المستوردة، أوضح قليعي أن هناك تأخيرًا في توفير وسائل النقل اللازمة لتخزين هذه اللحوم، مما أثر على وصولها إلى المستهلكين في الوقت المناسب. كما حذر من غياب مراقبة كافية لظروف تبريد اللحوم، ما قد يهدد صحة المستهلكين.
في ختام الحلقة، شدد قليعي على ضرورة عقد مناظرة وطنية تجمع بين الجزارين والمربين والمؤسسات المعنية لدراسة سبل تطوير القطاع وحماية المستهلك.
كما دعا الشطاني الجهات المسؤولة إلى التفكير في استراتيجية محكمة للتحضير لعيد الأضحى المقبل، لضمان توفير اللحوم بأسعار مناسبة وجودة عالية.





