حصاد 2024.. المغرب بين التحديات والمشاريع

إيمان أوكريش: صحافية متدربة

عاش المغرب خلال عام 2024 تطورات سياسية واقتصادية بارزة في عدة قطاعات ، تنوعت بين مبادرات استراتيجية وإصلاحات أثارت نقاشًا واسعًا.

استثمارات الطاقة

واصل المغرب في عام 2024 تنفيذ مبادرات اقتصادية في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين، إلى جانب تعزيز قطاع صناعة السيارات والطيران، وبدء صناعة السفن والقطارات والتوسع في صناعة الدفاع.

أعلنت الحكومة، خلال شهر غشت، عن تلقي 40 طلب استثمار في قطاع الهيدروجين الأخضر، وذلك بعد إطلاق مبادرة “عرض المغرب” في مارس، التي تهدف إلى جذب مستثمرين في مجال الطاقة النظيفة وتشجيع المشاريع في هذا القطاع.

الهيدروجين الأخضر هو وقود ناتج عن عملية كيميائية يتم فيها استخدام تيار كهربائي من مصادر متجددة لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، مما ينتج طاقة بدون انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري.
ويواصل المغرب تعزيز جهوده لتأمين احتياجاته من الطاقة، التي يعتمد فيها على استيراد 96% من احتياجاته، في ظل تقلبات الأسعار الدولية.

مبادرات إقليمية

واصلت الرباط طوال عام 2024 الترويج لمشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يربط المغرب ونيجيريا، وللمشروع الأطلسي الذي يتيح لدول الساحل الإفريقي الاستفادة من المحيط الأطلسي.

وسيمتد أنبوب الغاز على طول حوالي 5660 كلم، وسيُشيد على عدة مراحل لتلبية احتياجات البلدان التي سيمر عبرها وأوروبا.

وتم إطلاق مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا خلال زيارة الملك محمد السادس إلى نيجيريا في ديسمبر 2016، حيث من المقرر أن يمر الأنبوب عبر بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون، بالإضافة إلى غينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.

وأكدت وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي، خلال شهر ماي، أن الموازنة المتوقعة لهذا المشروع تفوق 25 مليار دولار.

جفاف سيول

عرف جنوب شرق المغرب، خلال سبتمبر، هطول أمطار غزيرة تجاوزت 150 ملم، مما أدى إلى فيضانات وسيول أسفرت عن مقتل 18 شخصًا، ويذكر أن الأمطار خلال يومين ساوت نصف الكمية المتوقعة طوال السنة، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة.

وفي إطار مواجهة موجات الجفاف المتكررة، أعلن المغرب في يونيو عن بدء تشييد محطة لتحلية مياه البحر في الغرب، التي ستكون الأكبر من نوعها في إفريقيا، بطاقة إنتاج سنوية تصل إلى 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.

مشاريع كبرى

أطلق المغرب مجموعة من المشاريع الكبرى استعدادًا لاستضافة كأس العالم 2030 وكأس إفريقيا 2025، منها تمديد القطار فائق السرعة ليصل إلى مراكش بعد أن كان يربط طنجة بالدار البيضاء، بالإضافة إلى مشاريع في مجالات السياحة والطرق. كما أعلن خلال يوليوز عن تصنيع أول سيارة هجينة تجمع بين الوقود والكهرباء.

وواصل المغرب تعزيز تجربته في صناعة السيارات والطائرات، حيث حقق نجاحات كبيرة في هذا المجال، مما دفعه نحو تأسيس صناعة عسكرية تماشياً مع رغبته في أن يصبح قوة إقليمية.
وتهدف هذه الخطوة إلى تلبية الطلب المحلي وتوسيع الصادرات إلى الأسواق الخارجية. وفي هذا السياق، أعلن المغرب عن خطط لإنشاء منطقتين صناعيتين في مجال الدفاع لتطوير معدات وآليات الأمن وأنظمة الأسلحة، وذلك بعد مصادقة المجلس الوزاري على أربعة مشاريع متعلقة بهذا القطاع.

تعديل حكومي

في أكتوبر 2024، شهد المغرب تعديلًا وزاريًا موسعًا، حيث تم رفع عدد الوزراء من 24 إلى 30 وزيرًا، إلى جانب رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وشمل التعديل دخول 14 وزيرًا جديدًا، في حين تم استبدال 8 وزراء وحفاظ 16 وزيرًا على مناصبهم، بما في ذلك وزراء التكنوقراط الستة. ويُعتبر هذا التعديل الأول في حكومة أخنوش منذ تكليفه بالمنصب في 7 أكتوبر 2021.

مدونة الأسرة

مع بداية العام، فتحت الحكومة المغربية عددًا من الملفات الشائكة، مثل تسليم هيئة مغربية تقريرها بشأن مراجعة قانون الأسرة لرئيس الحكومة، مع الإعلان عن التعديلات المقترحة.
وفي مارس، سلمت الهيئة تقريرها بعد الانتهاء من مهامها في الوقت المحدد. وقد تزامنت هذه الخطوة مع الجدل المستمر بين الأحزاب والجمعيات غير الحكومية حول مضامين القانون، خاصة فيما يتعلق بالإرث وزواج القاصرات.
وفي ديسمبر، أعلنت الحكومة عن تعديلات مقترحة على قانون الأسرة، بما في ذلك رفع سن الزواج إلى 18 عامًا وتقييد تعدد الزوجات وغيرها.

مشروع قانون الإضراب

صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب بالأغلبية على مشروع قانون الإضراب، كما صادقت بعد موافقة الحكومة على حذف “العقوبات الجنائية والسجنية” في حق الداعين للإضراب، بعد أن تضمنها مشروع القانون سابقا.
ومن المنتظر أن يحال المشروع إلى مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) للتصديق عليه، قبل أن يتم نشره في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ.
ويعود مشروع قانون تنظيم الإضراب إلى نحو 10 أعوام مضت، حين أحالته الحكومة إلى البرلمان للمرة الأولى أوائل 2015.

تقنين القنب

بدأت صيدليات المغرب في يونيو الماضي بيع المكملات الغذائية ومنتجات التجميل المصنوعة من القنب الهندي، وهي خطوة أولى نحو تسويق هذه المنتجات.

وجاء ذلك بعد إعلان المغرب في 3 يونيو 2022 عن “خطة عمل” لاستغلال القنب الهندي في المجالات الطبية والصناعية، وبدء سريان قانون لتقنين استخداماته في يوليوز من نفس العام.

وقد بدأت الصيدليات ببيع 9 أنواع من المكملات الغذائية و10 مستحضرات تجميل، بعد أن تم منح رخص للمزارعين والشركات والمختبرات في مراحل سابقة.

يهدف المغرب من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المعنية بزراعة القنب داخليًا، بالإضافة إلى الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي يتيحها تقنين استخدامه طبياً وصناعياً على الصعيدين المحلي والدولي.

هجرة جماعية

شغل موضوع الهجرة الجماعية المغرب في سبتمبر 2024، عندما حاول مئات من الشباب اقتحام المعبر الحدودي لمدينة سبتة المحتلة.
وتعتبر هذه المحاولة واحدة من أكبر العمليات في السنوات الأخيرة، حيث شملت أعدادًا كبيرة من الشباب والقاصرين الراغبين في الهجرة غير النظامية، وسط دعوات لفتح نقاش عمومي حول الظاهرة وإيجاد حلول لها قبل أن تتفاقم.
وقد جاءت هذه المحاولة بعد دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي لاقتحام جماعي للسياج الأمني باتجاه سبتة في 15 سبتمبر الماضي.

التضامن مع فلسطين

منذ بداية عام 2024، تصدّر التضامن مع قطاع غزة المشهدين الحقوقي والاحتجاجي في المغرب، في ظل استمرار الحرب على فلسطيني.
و شهد المغرب العديد من المظاهرات والفعاليات الداعمة لفلسطين، حيث نظمت هيئات مدنية أكثر من 5800 مظاهرة خلال العام.
وبشكل شبه يومي، احتضنت مدن مغربية عدة، بما فيها الرباط والدار البيضاء والجديدة ووجدة وبركان وطنجة وتطوان ومراكش ومكناس، وقفات شعبية تطالب بوقف الحرب على فلسطين، ورفع الحصار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقد نظمت هذه المظاهرات هيئات مغربية مدنية مثل “الجبهة المغربية لدعم فلسطين”، “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة”، و”المبادرة المغربية للدعم والنصرة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى