شخمان:”الجزائر تحاول السطو على التراث المغربي بسبب عقدة تاريخية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أثار اختيار الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم الشعار الرسمي لكأس الأمم الإفريقية 2025 (CAN 2025) الذي سيُقام في المغرب جدلاً واسعاً، خاصةً في الجزائر. الشعار، المستوحى من الزليج المغربي والمشهور بفن الفسيفساء، لاقى اعتراضات من قبل الجزائريين الذين لطالما حاولوا نسب هذا التراث الأصيل إلى أنفسهم.
وأكد محمد شخمان، رئيس المركز المغربي للثقافة والإبداع، بأنه لا يعترف بمحاولات الجزائر في السطو على الثقافة المغربية، مشيراً إلى أن المغرب لا يطالب باستعادة أراضٍ جزائرية ولا يسعى للتوسع، بل يسعى فقط إلى ترسيم الحدود بين البلدين، واسترجاع صحرائه المغربية من الجزائر.
وأكد شخمان في تصريح ل “إعلام تيفي” أن هذا النزاع السياسي والثقافي بين المغرب والجزائر ليس نتيجة لمطامع جغرافية، بل يعود إلى التوترات التاريخية بين البلدين، حيث يرى أن العسكر الجزائري هو من يحاول ترويج هذا الصراع، بينما يظل الشعب الجزائري بعيدًا عن هذا النزاع.
وأضاف أنه بالنظر إلى التاريخ المشترك بين البلدين، فإنه من غير المستغرب أن تسعى الجزائر إلى التلاعب بالتراث المغربي، حيث كانت أراضي عدة جزءًا من المغرب في فترات تاريخية طويلة، كما أن العديد من القبائل الجزائرية كانت قد خضعت لسلطة المغرب في أوقات معينة.
وأوضح شخمان أن المغرب، على مر العصور، كان يحظى بنفوذ ثقافي معنوي في الأراضي التي هي الآن للجزائر، وهو ما ينعكس في العديد من العناصر الثقافية التي تتداخل بين البلدين، مثل الأطباق التقليدية والزي الوطني. هذه العلاقات الثقافية لا تعني بالضرورة أن المغرب يسعى إلى استعادة تلك الأراضي، بل تدل على عمق التاريخ المشترك بين الشعبين.
وفيما يخص حالة المغرب اليوم، أكد شخمان أن المملكة أصبحت أكثر اعتزازاً بهويتها الثقافية وتاريخها، مبرزاً أن المغرب بدأ يعيد الاعتراف بقوته الثقافية في الساحة الدولية بعد فترة طويلة من الاستلاب الثقافي الغربي والعربي. وأضاف أن الفعاليات مثل كأس أمم إفريقيا 2025 تشكل فرصة للمغرب لعرض تاريخه الغني وتراثه الفريد، بما في ذلك التصاميم الثقافية مثل الزليج، الذي يعكس تاريخ المغرب وهويته الثقافية العميقة.
في الختام، أكد شخمان أن هذه الفعاليات الدولية تمثل منصة مهمة لتعريف العالم بالهوية المغربية وتعزيز الفخر الوطني، مشدداً على أن هذه الأعمال الثقافية ليست مجرد صراع على التراث، بل فرصة لاستعراض ما يمتلكه المغرب من إرث تاريخي عريق يجب أن يُعتز به على مستوى عالمي.
ويذكر ان الزليج المغربي كان حاضراً بقوة في افتتاح ألعاب البحر الأبيض المتوسط في عام 1983، التي أُقيمت في المغرب، حيث لفت أنظار العالم إلى هذا التراث الفني الفريد. في ذلك الوقت، كان الزليج رمزاً للثقافة المغربية، وأصبح محط إعجاب وتقدير، ليس فقط من قبل المغاربة، بل من قبل العديد من الشعوب الأخرى.

وشهدت هذه الفعالية حضور الجزائر بوفد رياضي كبير، حيث كان الزليج في تلك الفترة غير معروف بشكل واسع في الجزائر، لكنه لاقى احتراماً كبيراً من الشعب الجزائري. ورغم ذلك، لم يُثر الإعلام أو الجهات الرسمية الجزائرية أي اعتراض على استخدام الزليج المغربي كشعار لهذا الحدث الكبير، مما يدل على تقديرهم لهذا الفن المغربي العريق.
وفي فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، كانت الجزائر تعترف بالثراء الثقافي المغربي وتقدره بشكل كبير. كانت وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية تواكب وتعترف بالثقافة المغربية كجزء من التراث المشترك بين البلدين. أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو استدعاء الرئيس بوتفليقة للعمالة المغربية المتخصصة في فن الزليج والجبص لترميم قصر مدينة تلسمان والمآثر التاريخية التي تعود إلى العهد المغربي. هذا التصرف كان يعكس احترام الجزائر للخبرات والتقاليد المغربية، خاصة في مجال الفنون المعمارية.
لكن مع وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى السلطة وتولي السعيد شنقريحة رئاسة أركان الجيش، بدأ التوجه السياسي في الجزائر يتغير بشكل ملحوظ. في ظل هذه القيادة، ظهرت محاولات لتغيير الحقائق التاريخية، وكان أبرزها السعي للاستحواذ على التراث الثقافي المغربي، ومنها الزليج وبدأ النظام الجزائري في الترويج لأيديولوجية جديدة تهدف إلى الانتساب للثقافة المغربية وسرقة جزء منها، في خطوة تنم عن رغبة في تلاعب التاريخ الثقافي بين البلدين.





