مدير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يكشف تحديات التأمين الإجباري عن المرض بالمغرب

كشف حسن بوبريك، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن عملية انخراط العمال غير الأجراء في نظام التأمين الإجباري عن المرض تواجه صعوبات هيكلية تؤثر على استدامتها وفعاليتها. جاء ذلك خلال مداخلته في اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، حيث سلط الضوء على ظاهرة الاختبار السلبي باعتبارها أكبر التحديات التي يواجهها النظام.
الاختبار السلبي.. تحدٍ يهدد التغطية الصحية
أوضح بوبريك أن الغالبية لا تنخرط في النظام إلا عند الحاجة إلى العلاج، مما يؤدي إلى اختلال في توازن الاشتراكات والمصاريف. وأكد أن غياب فترة تدريب أولية عند إطلاق النظام ساهم في تفاقم هذه الظاهرة، حيث يتمكن المستفيدون من الحصول على التغطية فور أدائهم للاشتراكات، دون أن يكون هناك التزام طويل الأمد بالانخراط.
وأضاف أن الهدف من تبسيط شروط الانخراط كان تشجيع الفئات المستهدفة على الاندماج في النظام، لكنه أدى في المقابل إلى سلوكيات غير منتظمة، حيث يدفع بعض المؤمنين الاشتراكات فقط عندما يحتاجون إلى العلاج، ثم يتوقفون عن الدفع بمجرد انتهاء الحاجة.
إشكالية التحصيل وعبء الديون
أبرز بوبريك أن تفعيل مسطرة التحصيل يواجه صعوبات كبيرة، موضحًا أن قيمة الاشتراكات الفردية المنخفضة تجعل متابعة المتخلفين عن الأداء غير مجدية على المستوى المالي. على سبيل المثال، مطالبة شخص بأداء 120 درهمًا تكلف المؤسسة أكثر من 1000 درهم في مسطرة التحصيل، وهو ما دفع الصندوق إلى اعتماد آلية تراكم الديون لسنة كاملة قبل الشروع في التحصيل.
إجراءات جديدة لتعزيز الانخراط والاستمرارية
في مواجهة هذه التحديات، أعلن بوبريك عن سلسلة من التدابير الهادفة إلى رفع معدل تغطية العمال غير الأجراء وضمان استدامة التمويل، من بينها:
🔹 الإعفاء من الغرامات المتراكمة لعام 2023، وتقديم تسهيلات في الأداء تصل إلى 24 شهرًا.
🔹 إطلاق حملة الإعفاء الكلي من أصل الدين والغرامات ومصاريف التحصيل في 2024.
🔹 فرض فترة انتظار مدتها 3 أشهر، بحيث لا يتمكن المنقطع عن الدفع من الاستفادة الفورية بمجرد سداد المتأخرات.
🔹 تبسيط إجراءات التشطيب، حيث تم تنفيذ 370 ألف حالة تشطيب خلال 2024 لضمان فعالية النظام.
ربط الدعم الاجتماعي بالوضعية المالية للمؤمنين
من بين الإجراءات الأكثر تأثيرًا، أشار بوبريك إلى أن الدولة قامت بتوقيف الدعم الاجتماعي المباشر للأفراد غير الملتزمين بأداء اشتراكاتهم. وأكد أن المستفيدين من الدعم يتوجب عليهم الحفاظ على وضعية مالية سليمة تجاه الصندوق، وإلا سيتم تجميد الدعم حتى يسووا أوضاعهم.
خلاصة: نحو نظام أكثر توازناً واستدامة
الإجراءات التي اعتمدها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تعكس رغبة في تحقيق توازن بين تحفيز الانخراط وضمان استدامة النظام. ومع ذلك، يبقى التحدي الأساسي هو تحقيق وعي عام بأهمية الاستمرارية في الاشتراك، حتى لا يتحول النظام إلى وسيلة انتقائية للاستفادة عند الحاجة فقط. فهل ستساهم هذه التدابير في تصحيح المسار أم أن التحديات ستظل قائمة؟