قاطرة الدعم المباشر تتعطل والفقراء ليسوا بفقراء !!!

بشرى عطوشي

نحن كما وعدتنا الحكومة عقب تنصيبها، على موعد مع التقشف مكرهين، وعلى موعد مع التهاب جيوبنا من أسعار المواد الأساسية، في ظل ما تسميه الحكومة الإكراهات الاقتصادية التي يمر منها العالم ككل.

ونحن على موعد أيضا مع خرجات الوزراء المعنيين بالأمر، لطمأنة المغاربة بأن الأمور تسير على ما يرام..طبعا تسير لصالحهم لا لصالح المواطنين..شعارات كل سنة وشعارات كل حكومة جاءت ” على الرغم من أن الأزمات تتوالى بالعالم وتلقي بظلالها على بلادنا فقد حققنا إنجازات كبرى” هذا لسان حال الحكومة الحالية، ولا تختلف عن سابقتها في شيء سوى أنها تسلك الطريق الذي عبدته حكومة بنكيران والعثماني نحو الإجهاز على ما تبقى من الطبقة المتوسطة، وحتى الطبقة الفقيرة لترمي بهما تحت عتبة الفقر، ولن تبقي إلا على طبقتي (المسحوقين والنبلاء).

 بمجرد التأمل فيما سبق، تحس أنك في معركة الصمود وعدم الاستسلام لكل تدابير الحكومات المتعاقبة.

لكم شنفت الحكومة آداننا ب”الدعم المباشر” وما يسميه التحالف الحكومي أيضا “الدولة الاجتماعية” والقضاء على البطالة وتحقيق نمو اقتصادي “استثنائي” ووو….إلى آخر ذلك من الوعود المغلفة بالعيش الكريم..

حتى أولئك الذين استبشروا خيرا من تسجيلهم في السجل الموحد، وجدوا أنفسهم في خانة من لا يمكنهم الاستفادة من دعم لطالما تمنوا حصولهم عليه، على أساس أنهم من الطبقة الهشة، فقد تبين أنهم ليسوا من تلك الطبقة لأنهم يملكون تلفازا وثلاجة وفرنا، ويتوفرون على هاتف.

كان لزاما على من أرادوا الحصول على الدعم المباشر والتسجيل في السجل الموحد أن يبيعوا كل ما لديهم من فراش وملبس وأجهزة إلكترونية لكي يحصلوا على ال 500 درهما كل شهر، ليشتروا بها الدقيق والسكر والشاي والزيت وينتظرون الشهر الآخر ليحصلوا على ال 500 درهم الأخرى، يدفعون منه للبنك التي تمنحهم هذا الدعم “الفتات”.

نحن على موعد مع الإكراه على التقشف والفقر ما أمكن، من أجل ضمان الوصول إلى آخر كل شهر من السنة، دون أن يكون رصيدك البنكي مثقلا بالديون.

عندما يصل الفقراء الذين استبشروا خيرا بالسجل الاجتماعي الموحد وما يمكن أن يحمله التسجيل فيه من دعم مباشر لهم، إلى أنهم ليسوا بفقراء بمجرد أنهم يتوفرون على الحد الأدنى من أساسيات العيش، فهذا يعني أن مؤشر الفقر منخفض عندنا.

عندنا.. إن كنت تتوفر على هاتف ومرحاض، فأنت فوق عتبة الفقر  مهما كان دخلك اليومي. ولكي تدخل في خانة المستفيدين، يجب أن تعود للعيش في الكهوف وتستضيء بالأخشاب وفتيلة الزيت وتقضي حاجتك بأي حفرة تجدها، وتنتظر أن تحنو عليك الحكومة وترشك بالفتات (الدعم المباشر).

عندما تفكر الحكومة في تنويع مصادر الدخل لملء الخزينة فإنها لا تجد إلا جيوب المواطنين ودافعي الضرائب من أصل الدخل الشهري أو من الضريبة هلى القيمة المضافة مما يستهلكون، وعندما يصبح المواطن لقمة سائغة لدى حكومات فشلت في خلق مشاريع حقيقية تخرج بها الفقراء من فقرهم والأميين من جهلهم، فاعلم أن الجميع سيكون بخير ، وأننا فعلا في الطريق الصحيح لمحاربة الريع والفساد.

لماذا لا يصبح الدعم المباشر دعما غير مباشر يحس من خلاله الفقراء أنهم يستعيدون كرامتهم بأن (علمناهم الصيد( بدل إعطائهم سمكة) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى