“CyberAcademy” مبادرة جديدة لتعزيز السيادة الرقمية للمملكة
حسين العياشي
تشهد الدار البيضاء ميلاد مبادرة جديدة تعزز مكانتها كعاصمة اقتصادية تتطلع إلى لعب دور محوري في القارة الإفريقية. فقد أعلنت شركة “Deloitte” عن إطلاق “CyberAcademy”، أول أكاديمية متخصصة في تكوين الكفاءات في مجال الأمن السيبراني، وذلك في إطار شراكة مع “Morocco Cyber Center”، في خطوة تعتبر أكثر من مجرد مشروع أكاديمي، بل رهان استراتيجي يروم إلى بناء سيادة رقمية مغربية صلبة.
مع تسارع وتيرة الرقمنة داخل المؤسسات العمومية والخاصة بالمغرب، وتزايد المخاطر المرتبطة بالهجمات الإلكترونية، أصبحت الأمن السيبراني مسألة بقاء لا خيار. ومع ندرة الكفاءات القادرة على مواجهة هذه التحديات، تأتي المبادرة لتوفير حل عملي عبر تكوين جيل جديد من الخبراء قادرين على الاستجابة لمتطلبات سوق يشهد فجوة متنامية بين العرض والطلب.
تقدم الأكاديمية أكثر من ستين برنامجاً تكوينياً يغطي مختلف جوانب الأمن السيبراني: من الاختراق والهندسة العكسية، إلى الحوكمة والامتثال القانوني، مروراً بإدارة الأزمات واستعمال الذكاء الاصطناعي في الحماية الرقمية. ويتيح البرنامج للمستفيدين الحصول على شهادات دولية معترف بها مثل ISC2 وISACA، ما يمنحهم أفضلية تنافسية في سوق عالمي.
لا تستهدف المبادرة الخبراء فحسب، بل تفتح أبوابها أيضاً أمام الطلبة الجامعيين وخريجي معاهد التكنولوجيا، وحتى الراغبين في تغيير مسارهم المهني. هذا التوجه يعكس إرادة Deloitte في توسيع قاعدة الكفاءات الوطنية بدل الاكتفاء بتأطير الموجود.
على المستوى الوطني، تمثل الأكاديمية لبنة جديدة في مسار المغرب نحو تحقيق استقلالية رقمية وتخفيف الاعتماد على الخبرة الأجنبية. أما بالنسبة لـ Deloitte، فالمشروع يمنحها موطئ قدم استراتيجي في إفريقيا، حيث يتوقع أن تتحول الأمن السيبراني إلى سوق بمليارات الدولارات خلال السنوات المقبلة.
تُصوَّر الأكاديمية كجسر بين الاحتياجات المحلية والمعايير الدولية، في وقت لم تعد التهديدات الرقمية تعترف بالحدود. غير أن السلاح الأقوى لمواجهة هذه التحديات لا يكمن في الخوارزميات وحدها، بل في النساء والرجال المؤهلين لابتكار الحلول وحماية المنظومات الرقمية. وهنا تراهن Deloitte على جعل الدار البيضاء منصة لصناعة هذا الجيل الجديد من “حراس العالم الرقمي”.
