ملف الأسبوع:المغرب العميق..إقليم أزيلال نموذجا حيث لا يصل قطار التنمية 

إعلام تيفي – أشرف بلمودن 

لا زالت جبال أزيلال وسكانها البسطاء يشهدون على غياب ما يسمى بالجهوية المتقدمة وتنمية العالم القروي والتمييز الإيجابي، والتي لحدود الساعة تظل حبرا على ورق، ومجرد عناوين عريضة وشعارات رنانة يجعل منها البرلمانيون مادة دسمة للمزايدات والعنتريات تحت قبة البرلمان بالرباط وأمام وسائل الإعلام.

دواوير إقليم أزيلال تعاني التهميش والعزلة التامة، والبعد عن أبسط المتطلبات كالماء والمراكز الصحية، مع استوطان الجهل الذي يتمثل في ظاهرة تزويج طفلات صغيرات وما يترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية، كأنها سلسلة انفجار انشطاري تخلف الخراب والدمار.

إعلام تيفي ذهبت لعين المكان واستقت لكم هذه الشهادات الصادمة.

  • تلقيح كوفيد ب 300 درهم وعقد الازدياد ب 200 درهم.

صرح مواطنون من إحدى دواوير جماعة آيت أمليل بإقليم أزيلال أن غياب الربط الطرقي يجعل من أبسط الحقوق حلما بعيد المنال، وحتى التلقيح ضد فيروس كورونا والذي جندت له الدولة كل الإمكانيات، بل ورصدت للمتخلفين عنه غرامات وعقوبات، حتى هذا التلقيح فهو صعب الحصول علية بأزيلال. إذ أن التنقل لأقرب مركز صحي يكلف أكثر من 300 درهم. ناهيك عن القيام بأبسط إجراء إداري كالحصول على عقد ازدياد الذي يكلف أكثر من 100 درهم. وغياب حتى طرق فك العزلة البدائية يجعل من بعض الدواوير سجونا جماعية كبيرة.

  • تفشي ظاهرة زواج القاصرات 

إضافة للفقر والعزلة، فسكان أزيلال يعيشون ظواهر اجتماعية خطيرة يترتب عنها المزيد من المآسي الإنسانية. تتمثل إحدى هذه الظواهر في تزويج القاصرات.

فلا شك أن لذلك عواقب وخيمة على كل المستويات، سواء اغتصاب طفولة البنات وإقحامهن في مسؤوليات الزواج والحمل والتربية. وهي أمور لا يقدر عليها الراشدون فما بالك ببنات صغيرات كان الأولى أن تحصلن على حقهن في تعليم جيد يعد بمستقبل زاخر. وحتى الطب يؤكد على أن جسم الفتاة القاصر ليس مستعدا للحمل والوضع، أما القيام بمسؤوليات كبرى تتعلق برعاية الأسرة فتلك طامة كبرى.

وتؤكد الشهادات من جبال أزيلال بأن زواج القاصرات أمر اعتيادي وجاري به العمل، وأن مدة الزواج تكون بين يومين إلى 15 يوما أو سنة في أفضل الأحوال، بعدها يختفي الزوج بعد أن يلبي نزواته مخلفا وراءه مأساة حقيقية تتجلى في أطفال بدون أوراق ثبوتية وأم لا زالت صغيرة تحتاج العناية لتجد نفسها مسؤولة عن أطفال.

وما يزيد الوضع تأزما الفقر وغياب التغطية الاجتماية والمصاحبة النفسية. وحتى القوانين التي تمنع زواج القاصرات فهي غائبة بإقليم أزيلال مما يجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام عن دور المسؤولين والمنتخبين.

  • توقف التمدرس عند مستوى السادس ابتدائي

بصوت حزين تدلي تلميذات المستوى السادس بدوار تسلنت بإقليم أزيلال بأن مصيرهن هو الانقطاع عن الدراسة مباشرة بعد نهاية السنة السادسة من التعليم الابتدائي، وذلك بسبب عدم وجود مؤسسة قريبة للتعليم الثانوي الإعدادي.

هذا التوقف يضع حدا لأحلام بنات وأبناء المنطقة من أجل متابعة الدراسة والسعي لبناء مستقبل واعد ينتشلهم من عزلة جبال أزيلال. ويمكنهم من بلوغ المهن والمراتب التي يحلمون بها.

وكما يبدو من خلال التصريحات أنهم يتوفرون على الكفايات اللازمة لإتمام الدراسة. فهم يعبرون بطلاقة دون رهبة من العدسات، ويتميزون بذكاء تواصلي قد لا يتوفر لأقرانهم بالمدن.

لكن ظروف الطبيعة القاسية هناك وغياب الاهتمام بالمنطقة وساكنيها من طرف الجهات المسؤولة، جعل من أطفال منطقة أزيلال عالقين في بئر التهميش والإقصاء، حيث أن كل طفلة وطفل هو بمثابة “ريان” أيقونة الطفولة حسب منظمة اليونسيف.

فمتى ستجند الدولة أجهزتها لإخراج أطفال المغرب العميق من ظلمات الجهل والعزلة والفقر والتهميش؟

  • السكان فقدوا الأمل في المسؤولين واعتادوا ترقب قوافل المساعدات. 

مع غياب بوادر التغيير ووصول التنمية المنشودة، حتى تلك التي جاء بها النموذج التنموي الجديد، لا يملك سكان أزيلال سوى ترقب وانتظار قوافل المساعدات التي تحمل معها بعض الأساسيات كالمواد الغذائية وبعض الأدوية والأغطية كأنهم في مخيم لاجئين، وتظهر الفرحة اللحظية على وجوههم التي أنهكتها قساوة طقس الجبال وقلة الحيلة والفقر.

فإلى متى ستظل الجمعيات والمبادرات المدنية تقوم مقام الحكومة ؟ وإلى متى سيظل تفاوت السرعة بين محور الدارالبيضاء الرباط وباقي مناطق المغرب العميق.

إعداد التقرير: أشرف بلمودن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى