أزمة البطالة بين الشباب تستدعي التدخل العاجل للحكومة

حسين العياشي: صحافي متدرب

يشهد المغرب، في السنوات الأخيرة، تفاقمًا متزايدًا في أوضاع الشباب بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، حيث باتت البطالة، غياب الفرص، واليأس المتنامي، عناوين رئيسية تلخص معاناة الشباب المغربي.

هذا الواقع دفع الكثير منهم إلى التفكير في الهجرة غير الشرعية أو اتخاذ قرارات يائسة للبقاء على قيد الحياة، فرغم ما قدمته الحكومة الحالية من برنامج في بداية ولايتها، إلا أن تقييم الأداء بعد مرور ثلاث سنوات يكشف عن إخفاقات متعددة.

فمع استمرار الأزمات الاقتصادية، شهد المغرب موجات من الإضرابات والاحتجاجات، إلى جانب التدهور الكبير في القدرة الشرائية للمواطنين.

ومن بين البرامج الحكومية التي كانت تهدف إلى تحسين أوضاع الشباب نجد برنامج “انطلاقة” الذي سعى لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيلات مالية وقروض.

ورغم هذا، وُجهت انتقادات واسعة للبرنامج بسبب تعقيد إجراءاته، مما جعل العديد من الشباب غير قادرين على الاستفادة منه.

كما لم يحقق برنامج “أوراش” المخصص لخلق فرص عمل مؤقتة النتائج المرجوة، إذ اصطدم البرنامج بضعف التمويل وضعف البنية التحتية المؤسسية في بعض المناطق، ما أسهم في تقليص فرص العمل المقدمة للشباب، وكانت تلك الفرص المؤقتة وغير المستدامة.

ومن جهته، أثار خطاب رئيس الحكومة الأخير، الذي ألقاه أمام شباب حزبه في أكادير، جدلاً واسعًا، فبينما تحدث فيه عن إنجازات حكومته، مثل تخفيض معدلات البطالة والتضخم وتوفير التغطية الصحية، تجاهل الحديث عن الأزمة الاجتماعية المتفاقمة وارتفاع الأسعار الذي يثقل كاهل العائلات المغربية.

هذا التجاهل فاقم من شعور الشباب بالهوة الكبيرة بين الحكومة وواقعهم اليومي، مما أكد في نظر الكثيرين الفشل في معالجة القضايا الأساسية التي تمس الشباب بشكل مباشر.

وفي سياق مرتبط، عاش المغرب أزمة إنسانية كبرى تمثلت في موجة هجرة جماعية للشباب نحو مدينة سبتة المحتلة، خاصة من مدينة الفنيدق، كانت هذه الأحداث تتطلب تدخلًا حكوميًا سريعًا لتقديم التوضيحات اللازمة واحتواء الوضع، لكن الحكومة اختارت الصمت، مما ترك المجال للشائعات والتفسيرات المغلوطة، وزاد من تأجيج الوضع.

في ظل غياب رد فعل حكومي واضح، بادر الفريق البرلماني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى دعوة الحكومة لتقديم تفسير حول الأحداث التي شهدتها مدينة الفنيدق، ودعا كذلك إلى انعقاد لجنة مشتركة من لجنة الداخلية ولجنة العدل لتقديم التوضيحات الضرورية حول أسباب الهجرة الجماعية للشباب، وللتأكيد على ضرورة معالجة الأزمة من جذورها الاقتصادية والاجتماعية.

في مواجهة هذه الأزمة العميقة، يشير باحثون إلى وجود مجموعة من الحلول التي قد تساعد على تخفيف معاناة الشباب، أولاً، من الضروري وضع استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى توفير فرص عمل حقيقية للشباب، من خلال تعزيز العلاقة بين التعليم وسوق العمل والتركيز على التكوين المهني.

ثانيًا، ينبغي على الحكومة توفير دعم أكبر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل الوصول إلى التمويل. فدعم الشباب ليصبحوا رواد أعمال سيسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق النمو الاقتصادي المحلي.

وأخيرًا، ينبغي للحكومة العمل على تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي في قطاعات توفر فرص عمل كبيرة، مثل السياحة، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة.

إن الشباب المغربي لازال عالقا في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة ومتتالية، وفي غياب حلول حكومية فعالة، تتزايد الضغوط والمخاطر، إن الحلول الممكنة تتطلب نهجًا شاملاً وواقعيًا يأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشباب ويعمل على بناء مستقبل أفضل لهم داخل وطنهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى