“أزمة ثقة في السياسي”.. ووبدة: هم الأحزاب هو الوصول إلى السلطة
إيمان أوكريش
تشهد علاقة المواطن المغربي بالفاعل السياسي حالة من “التصدع المتزايد”، فشريحة واسعة من المجتمع لم تعد ترى في السياسيين ممثلين حقيقيين لهم، كما أن الأحزاب السياسية فقدت تدريجيا دورها كجسر يربط الدولة بالمجتمع.
وهذا الغياب الواضح لأدوار الوساطة والتأطير عمق الهوة بين الطرفين، وجعل أزمة الثقة أكثر رسوخا، خاصة في ظل ضعف قنوات التواصل وغياب الإصغاء الحقيقي لانشغالات المواطنين.
وفي هذا الصدد، أوضح محمد وبدة، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، في تصريح خص به “إعلام تيفي”، أن الإشكال القائم في المشهد السياسي يتمثل في ضعف الثقة بين المواطن والسياسي، سواء على مستوى المؤسسات السياسية أو في العلاقة المباشرة بين الطرفين، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب، من بينها أن القائمين على الشأن السياسي في المغرب غالبا ما يفتقرون إلى المعرفة الكافية بالمجال السياسي، فضلا عن غياب القدرة على بناء علاقة اجتماعية مع المواطن، مما يكرس حالة انعدام الثقة.
وأكد أن المعرفة السياسية لدى العديد من الفاعلين إما منعدمة أو محدودة، وهو ما يؤدي إلى غياب الثقة بين المواطن والسياسي.
وأضاف أن هذا الضعف يظهر أيضا حين لا تضطلع المؤسسات السياسية بأدوارها الأساسية، مشيرا إلى ضرورة التمييز بين المؤسسات السياسية، مثل الأحزاب، والمؤسسات الدستورية.
وتابع أن دستور 2011 منح الأحزاب السياسية صلاحيات واسعة في تأطير المواطن، لافتا إلى أن تأطير المواطن لا يقتصر على الشق السياسي فقط، بل كذلك من خلال تمكينه من معرفة سياسية وأدوات علمية حديثة تخوله ولوج الحقل السياسي بشكل واع ودقيق، إلا أن الأحزاب لا تقوم بهذا الدور.
وأشار وبدة إلى أن الأحزاب السياسية غالبا ما تكتفي بتنظيم اجتماعات وجموع عامة لا تهدف إلى تأطير حقيقي للمواطنين، بل تركز فقط على حشد أعداد كبيرة من المنخرطين لخدمة مصالح الحزب الانتخابية.
وأردف أن هذه اللقاءات، رغم تنوع الحاضرين فيها، من طلبة ومواطنين من مختلف المشارب، لا تقدم لهم تكوينا سياسيا، بل تكتفي بخطاب زعيم حزبي يعرض تاريخ الحزب بصورة إيجابية دون أن يفيد الحاضرين فعليا.
واعتبر أن هذا الشكل من التأطير سلبي، ويستدعي إعادة النظر في دور الأحزاب وطريقة عملها، لتتمكن من تقديم تأطير سياسي فعال، يمكن المواطنين من فهم السياسة، وتحديد حاجيات الناس، والتفاعل مع مطالبهم ومشاكلهم بشكل مباشر.
وشدد الباحث السياسي على أن هم الأحزاب ينصب أساسا على تصدر الانتخابات التشريعية والوصول إلى السلطة، وليس على تكوين مواطنين واعين بالعمل السياسي ومؤهلين للمساهمة في تطوير المجتمع.
وفي سياق حديثه عن الثقافة السياسية، أوضح أن المجتمعات تختلف في هذا الجانب حسب التنشئة السياسية التي يتلقاها الأفراد.
وقال إن الإيمان بالديمقراطية يشكل نقطة أساسية في بناء الثقة في الأحزاب السياسية، مشيرا إلى أن ترسيخ هذه الثقة يمنح المؤسسات، مثل البرلمان، شرعية وقوة، موضحا ن البرلمانات في العالم العربي، في معظمها، تظل مؤسسات صورية تفتقر إلى الفعالية، مما يضعف الأداء السياسي بشكل عام، ويجعل من الضروري العودة إلى الأساس، وهو تكوين حزبي جاد لمنخرطي الأحزاب.





