أزمة طلبة الطب..أزمة متشعبة الأبعاد والتداعيات

خديجة بينس: صحافية متدربة

رسوب طلبة الطب أصبح نتيجة حتمية خاصة بعد مقاطعة طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان للامتحانات في الدورة العادية والاستدراكية، وكذا عدم تجاوب وزارة الميراوي مع المطالب التي رفض الطلبة التنازل عنها في ملفهم المطلبي، وبالتالي فإن معالم السنة البيضاء أصبحت بارزة وواضحة ننتظر فقط الإعلان الرسمي عنها.

الطلبة يستغربون من تعنت الحكومة في تعاملها مع ملفهم، يستغربون مما وصلت إليه الأمور خاصة وأن مطالبهم مشروعة ولا حيف عليها وفق المهتمين بهذا الشأن.

الوساطة البرلمانية تدخلت وكانت صلة وصل بين الطلبة والحكومة، إلا أنه تبين أن الإشكال لا يكمن في التواصل لأن الطرفين مدركان لطلبات بعضهما البعض إلا أن تشبت كل بموقفه أوصل الأمور إلى ماهي عليه الآن.

الطلبة من جهتهم يؤكدون أنهم رحبو بالوساطة البرلمانية وتأملوا فيها خير وكانوا أكثر ليونة من الحكومة التي لم تستطع أن تتنازل وتصل إلى حل يرضي الطرفين.

تعمقت أزمة طلبة الطب بشكل ملحوظ، لم تجد هذه الأزمة بعد طريقها للحل، حيث يكتنفها الغموض والتعتيم، ولا وزارة الصحة ولا الطلبة يمتلكون إجابات واضحة عن وضع الموسم الدراسي الماضي ونحن على أبواب الموسم الدراسي الجديد.

هذه الأزمة تلوح بآفاق أكثر خطورة، حيث يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأزمات في كليات الطب بسبب رسوب أفواج كاملة من الطلبة، هذا سيؤدي إلى مشاكل متزايدة في الاكتظاظ داخل الكليات.

هذه الأزمة تدور في حلقة مفرغة تزيد من معاناة الطلبة والأهالي على حد سواء. الرسوب سيؤثر أيضاً على جودة التعليم والتدريب العملي، مما قد ينعكس سلباً على جودة الخدمات الصحية في المستقبل.

الأزمة لن تقتصر على كليات الطب فقط، بل ستنتقل إلى المستشفيات التي تعاني أصلاً من نقص حاد في الموارد البشرية. هذا النقص سيؤدي إلى ضغط إضافي على النظام الصحي ويزيد من تحديات تقديم الرعاية الصحية الجيدة، مما قد يؤثر سلباً على المرضى ويزيد من الضغط على الكوادر الطبية المتاحة.

خاصة وأن المغرب يشتغل على تنزيل ورش الحماية الاجتماعية التي تهم إصلاح المنظومة الصحية وتجويد الخدامات المقدمة للمرضى.

وفي ظل غياب الحلول الواضحة، لم يتمكن الطلبة والوزارة الوصية من التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

حتى الوساطة البرلمانية لم تتمكن من إعادة الأمور إلى نصابها، مما يعكس عمق الأزمة وتعقيدها. الوضع لن يعود كما كان عليه في السابق، مما يتطلب تدخلات عاجلة وشاملة لإيجاد حلول مستدامة وفعالة لهذه الأزمة المتفاقمة.

 

تداعيات أزمة رسوب طلبة الطب ليست محدودة فقط بالنطاق الأكاديمي بل تتعدى ذلك إلى تأثيرات مباشرة على قطاع الصحة، وهو قطاع حيوي لا يحتمل “العبث”.

إن رسوب الطلبة، خصوصاً خريجي هذه السنة، سيؤدي إلى نقص ملحوظ في أعداد الأطباء الخريجين؛ هذا النقص سيزيد من تفاقم أزمة وزارة الصحة التي تحاول جاهدة تعزيز وتثمين مواردها البشرية. بعد هذه السنة الاستثنائية، ستدفع وزارة الصحة والقطاع الصحي بشكل عام ثمناً باهظاً، وستكون الضحية النهائية المواطن الذي يعاني من تدني مستوى الخدمات الصحية.

النظام الصحي سيواجه المزيد من الضغوط والتحديات، حيث من المتوقع أن تشهد كليات الطب زيادة في عدد الطلبة بسبب اكتظاظ الأفواج الراسبة. وفي المقابل، ستعاني المستشفيات من نقص حاد في العنصر البشري، مما سيؤثر بشكل سلبي على جودة الرعاية الصحية المقدمة.

من جانب آخر، الميزانية المخصصة لكليات الطب هذا العام ستبدو كأنها سقطت في بئر عميق، حيث سيتم تسجيل خسائر مالية كبيرة ستتحملها الخزينة العامة. هذا الوضع يأتي في ظل أزمة اقتصادية تعيشها البلاد، هذا الأمر سيزيد الطين بلة فيما يتعلق بميزانية الدولة.

تستثمر الأسر المغربية بشكل كبير في تعليم أبنائها، متمنية تحسين مستواها الاجتماعي رغم التضحيات الكبيرة التي تقوم بها.

الأسر التي أنفقت  وتنفق أموالاً قد تفوق قدرتها في كثير من الأحيان في سبيل تعليم أبنائها ودفع رسوم دراستهم ، في كثير من الأحيان  تضطر العديد من الأسر إلى تقليص نفقاتها في مجالات أخرى لتغطية التكاليف الدراسية، مما يؤثر على جودة حياتهم، هذه الأسر ستجد نفسها في مواجهة خسائر مالية دون الحصول على نتائج تخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية، على العكس من ذلك  أسر الطلبة  ستتعرض لضغط مالي إضافي نتيجة الرسوب، مما يزيد من معاناتها المالية، خاصة أن هؤلاء الطلبة أصبحوا راسبين ليس بسبب تقصيرهم، بل لأنهم طالبوا بحقوقهم.

زر الذهاب إلى الأعلى