أزمة غير مسبوقة تهز معهد التمريض بكلميم.. والإدارة في قلب العاصفة

حسين العياشي

تعيش المدرسة العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بكلميم منذ أسابيع على وقع توتر غير مسبوق، بعدما تحولت الخلافات الإدارية إلى أزمة مفتوحة دفعت التنسيق النقابي بالجهة إلى إعلان خطوات احتجاجية تصعيدية. ووجد الأطر الصحية والطلبة أنفسهم أمام مشهد غير مألوف داخل مؤسسة تكوينية يفترض أن تسودها أجواء الانضباط والحوار، بينما تتسارع الأحداث بشكل لافت في الكواليس.

وبحسب مصادر نقابية متطابقة، فإن شرارة الانفجار اندلعت بعد زوال الاثنين الماضي، حين أقدم مدير المعهد بالنيابة على إغلاق أبواب الإدارة في وجه قيادات النقابات، في خطوة أثارت استغرابًا واسعًا وتم تفسيرها كمحاولة لمنع نقاش مباشر حول ملف طال انتظاره؛ يتعلق الأمر بالتدريس العرضي الذي ظل منذ يوليوز الماضي محور شد وجذب بين الإدارة والشركاء الاجتماعيين. ولم يتوقف المشهد عند ذلك الحد، إذ لجأ المدير إلى استقدام مفوض قضائي لتوثيق وجود النقابيين داخل المؤسسة، وهو ما اعتبرته النقابات سلوكًا استفزازيًا يفتقر لروح المسؤولية ويعمّق حالة الاحتقان بدل تهدئتها.

هذا التوتر جاء تتويجًا لمسار طويل اتخذ خلاله الملف نفسه منحنيات معقدة. فمنذ الصيف الماضي، احتضنت المديرية الجهوية للصحة جلسات حوار اجتماعي شارك فيها ممثلو الجامعة الوطنية للصحة والنقابة الوطنية للصحة العمومية، وانتهت بالتوقيع على محضر اتفاق في 9 أكتوبر 2025. وقد تضمن هذا الاتفاق التزامات واضحة بخصوص معايير اختيار الأساتذة الزائرين، عقب الجدل الذي أعقب توقيف اختبار أهلية الناجحين في المباراة الكتابية للمعهد. غير أنّ جزءًا من هذه الالتزامات ظل بدون تنفيذ، ما غذّى شعورًا متزايدًا لدى النقابات بأن الإدارة تتنكر لتعهداتها.

أمام هذا الوضع، أعلن التنسيق النقابي عن برنامج احتجاجي يبدأ بإضراب جهوي يوم الخميس 20 نونبر، يرافقه اعتصام جزئي يمتد لـ12 ساعة أمام المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية، مع استثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات حفاظًا على استمرارية الخدمات الحيوية. وفي بيان حمل نبرة شديدة، ندد التنسيق بما وصفه بالخروقات الممنهجة للاتفاق الموقع، وطالب بإعفاء المدير بالنيابة، وإيفاد لجنة مركزية للمتابعة والمواكبة، وإشراك النقابات في تدبير المرحلة الانتقالية، إلى جانب التنفيذ الفوري لجميع بنود الاتفاق.

وهكذا يبدو أن الأزمة داخل المعهد تجاوزت حدود خلاف إداري عابر، لتتحول إلى اختبار حقيقي لمدى احترام الالتزامات والحرص على جودة التكوين في قطاع حيوي مثل القطاع الصحي، بينما تتجه الأنظار إلى الخطوات المقبلة أملاً في نزع فتيل التوتر وعودة الهدوء إلى المؤسسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى