
فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بإقليم زاكورة، أن الواحات بالمغرب تعيش اليوم على وقع مفارقة صادمة بين حجم الميزانيات المخصصة لتأهيلها وتنميتها، وبين الواقع البيئي والاجتماعي الكارثي الذي تعرفه هذه المناطق.
وأوضح أقشباب ل”إعلام تيفي” أن الاستراتيجيات الوطنية التي وضعت لتأهيل الواحات باعتبارها منظومة إيكولوجية وتراثاً إنسانياً لم تؤت أكلها، رغم ضخ ميزانيات ضخمة منذ أكثر من عقد.
وأشار في هذا السياق إلى أن وكالة تنمية مناطق الواحات وشجر الأركان أشرفت ما بين 2012 و2022 على استثمارات فاقت 12.5 مليار درهم، ضمن ما يفترض أنه مشروع تنموي متكامل يشمل البنية التحتية، والفلاحة، والبيئة، وتحسين عيش السكان.
ويضيف أقشباب، أن هذه الأرقام لا تجد لها صدى في الواقع المعيش لسكان الواحات، حيث ما تزال مؤشرات الفقر والبطالة والهجرة مرتفعة بشكل مقلق، فضلًا عن هشاشة البنية التحتية، وهو ما كشفته بشكل صارخ الفيضانات الأخيرة التي أهدرت ملايين الأمتار المكعبة من المياه، بسبب ضعف البنيات المائية وغياب منشآت لحجز المياه.
وأشار إلى أن مبالغ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجالس المنتخبة والمخططات الوزارية، كلها تُطرح عليها علامات استفهام، في ظل غياب مشاريع حقيقية وملموسة يستفيد منها الفلاحون الصغار وسكان الواحات بشكل عام.
وأضاف بأسف أن الفلاحين في مناطق الواحات لم يستفيدوا من صندوق مواجهة الكوارث الطبيعية، عكس المناطق الشمالية التي عرفت حرائق الغابات.
وتساءل جمال أقشباب “لماذا كل هذه الميزانيات إذا لم تنعكس على حياة السكان؟ وهل كتب على الواحات أن تتحول من أحزمة خضراء إلى مقابر للنخيل والتراث؟” مؤكدًا أن الوقت قد حان لإعادة تقييم فعلي وشفاف لبرامج تنمية هذه المناطق، وربطها فعليًا بحاجيات الساكنة وحماية المجال البيئي.
وفي معرض حديثه عن الحرائق التي أصبحت ظاهرة غير مسبوقة في مناطق الواحات، أكد أقشباب أن هذه الظاهرة البيئية الجديدة أصبحت تهدد هذا المجال الحيوي الذي يشكل أكثر من 15% من مساحة المغرب، ويلعب دوراً بيئياً واقتصادياً هاماً، ليس فقط لسكان الجنوب، بل لحماية مناطق الوسط والشمال من زحف الرمال والرياح الشرقية.
كشف أقشباب أن هذه الحرائق ترجع إلى تداخل عوامل مناخية، مثل الجفاف، قلة التساقطات، وارتفاع درجات الحرارة، مع أسباب بشرية مباشرة مثل التدخين أو الطهي داخل الواحات، وأسباب غير مباشرة مرتبطة بـتهميش السياسات العمومية لهذا المجال.
كما أشار إلى أن استنزاف الفرشات المائية أدى إلى موت أشجار النخيل واقفة، حيث لم تعد جذورها تصل إلى المياه، ما زاد من هشاشتها أمام النار والجفاف.
بيّن أقشباب أن هذه الحرائق تخلف خسائر اقتصادية فادحة، بفقدان آلاف أشجار النخيل التي تشكل مصدر الدخل الرئيسي للسكان، وهو ما يزيد من معدلات الفقر والبطالة والهجرة القسرية. أما بيئيًا، فتسهم في تسارع التصحر وزحف الرمال وتدهور التنوع البيولوجي، فضلًا عن غياب المناخ الرطب الضروري للزراعات المحلية.





