اقتصاد السعادة.. محاولة علمية لأنسة الاقتصاد

 

خديجة بنيس: صحافية متدربة

يُعتبر اقتصاد السعادة فرعًا ناشئًا من العلوم الاقتصادية، يهدف إلى وضع الإنسان بكل جوانبه الذاتية في قلب التحليلات الاقتصادية، بعيدًا عن النظريات التقليدية التي تركز على الأرقام والبيانات المادية

تتوجه هذه المقاربة الجديدة وفق  مجموعة البحث في اقتصاد السعادة GREB التي تجمع ثلة من الباحثين والمتخصصين في مختلف المجالات في جامعة القاضي عياض  ويديرها الأستاذ بشير لخضر  إلى إعادة إنسانية الفكر الاقتصادي، من خلال التركيز على مفهوم السعادة وتقديرها الشخصي.

جاء اقتصاد السعادة لتجاوز النموذج الاقتصادي التقليدي، فلطالما نظرت الاقتصاديات التقليدية إلى الإنسان ككائن عقلاني بحت، يسعى لتحقيق أقصى قدر من المنفعة من خلال استهلاك الموارد واتخاذ قرارات مبنية على حسابات دقيقة. وفقًا لهذا النموذج، يُفترض أن السعادة مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالاستثمار المادي والاقتصادي. ومع ذلك، أظهرت التطورات الأخيرة في العديد من البلدان أن زيادة الثروات ليست بالضرورة مصحوبة بزيادة في مستوى السعادة.

وبالتالي فإن اقتصاد السعادة هي نظرة جديدة للاقتصاد، يميز نفسه عن الاقتصاد التقليدي من خلال تركيزه على السعادة كحالة ذاتية وموضوعية. بدلاً من الاعتماد على مقاييس موضوعية للرفاهية، يسعى اقتصاد السعادة لفهم كيف يشعر الأفراد ويرون سعادتهم الشخصية. هذه النظرة تؤكد أن السعادة ليست فقط نتاجًا اقتصاديًا، بل تتأثر بجوانب متعددة من حياة الإنسان.

ويهدف اقتصاد السعادة إلى إعادة الإنسان إلى مركز الفكر الاقتصادي، بعيدًا عن النماذج الرياضية الجافة. يشدد على أهمية وضع مشاعر الأفراد، وتطلعاتهم، وعلاقاتهم الاجتماعية في الاعتبار. السعادة، باعتبارها طموحًا إنسانيًا أساسيًا، يجب أن تكون في صميم السياسات الاقتصادية واهتمامات المجتمع.

ويسعى الباحثين من خلال اقتصاد السعادة إلى استخدام أساليب علمية لفهم وقياس أبعاد السعادة الفردية والجماعية. من خلال إجراء مناقشات، ولقاءات، وتحليلات، يمكن اكتشاف كيفية تحسين مستويات السعادة على مختلف المستويات. لا تقتصر الحلول على الجانب الاقتصادي فقط، بل تتطلب أيضًا فهمًا أعمق للجوانب النفسية والاجتماعية التي تؤثر في السعادة.

اقتصاد السعادة يقدمه الباحثون في المجال كفرصة لإعادة التفكير في كيفية تعاملنا مع الاقتصاد والمجتمع. من خلال التركيز على السعادة كعنصر أساسي، يمكن أن يسهم في تحسين السياسات والممارسات الاقتصادية بما يتماشى مع الاحتياجات الحقيقية للأفراد. إنه دعوة لتحويل الاهتمام من الأرقام والمصالح الاقتصادية إلى تحسين جودة الحياة وسعادة الناس بشكل أعمق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button