الأحزاب “الصورية” في المشهد السياسي المغربي تفتح شهية البحث في عجزها (دراسة)

بشرى عطوشي

في ظل تفريخ أحزاب ووجود أحزاب ظلت “صورية” في المشهد السياسي، وبدون جدوى في المشهد السياسي، وبات وجودها مقتصرا على محطات الاقتراع فقط.

في دراسة صدرت عن مركز المؤشر للدراسات والأبحاث حذرت من استمرار وجود أحزاب “صورية، وأكدت على أن النظام الديمقراطي لا يحتاج إلى عشرات الأحزاب الغائبة عن المشهد السياسي.

الدراسة التي جاءت تحت عنوان ” “من الانحباس السياسي إلى سيناريوهات ما بعد 2026″، اعتبرت أن تراكم هذا النمط من التنظيمات يفرغ التعددية من مضمونها، ويجعل الحقل الحزبي عاجزاً عن لعب أدواره الدستورية في التأطير وصياغة البدائل.

مشيرة إلى أن المواطن يبحث على قوى حقيقية تشتبك مع هموم المواطنين، وتنتج النخب وتمارس الرقابة وتسهم في البناء الديمقراطي.

وكشفت الدراسة بأن أغلب هذه التنظيمات لا يعرف الرأي العام أسماء قياداتها ولا يتابع مواقفها، مبرزة بأن حضورها يظل موسمياً، يقتصر على محطات الاقتراع، قبل أن تعود إلى سباتها الطويل. واعتبرت أن جزءاً من هذه التشكيلات يلعب أدواراً وظيفية أكثر مما يمثل تعبيراً ديمقراطياً حقيقياً، حيث قد تُستدعى أحياناً لاستكمال المشهد التعددي الشكلي، أو لتفتيت الكتل الانتخابية، أو لدعم أقطاب معينة عبر تحالفات أو انسحابات محسوبة.

ورصدت الدراسة أن هذه الأحزاب تعاني من ضعف في الأطر، وشح في التمويل، وغياب للمشروع السياسي المقنع، وتراجع للتجذر المجتمعي، مع هيمنة البنية الشخصانية للقيادة وغموض الخطاب، وهو ما يجعلها عاجزة عن اجتراح مساحات للتأثير أو التجديد.

وأشارت إلى أن بعض المحاولات لتجميع قوى اليسار الجذري ضمن صيغ اتحادية انتهت إلى تفكك شبه رسمي بسبب صراعات الزعامة وتضارب المرجعيات، ما أضعفها أكثر في أعين الناخبين.

وشددت الدراسة على أن بقاء هذه الأحزاب ضمن الخريطة السياسية لا يعني مشروعيتها الديمقراطية، بل يفرض مراجعة شاملة لقوانين تأسيسها، وضبط معايير تمويلها، وربط التمثيلية السياسية بالجدية في الأداء، بما يضمن تعددية حقيقية قائمة على المشاريع والبرامج لا على الوجود القانوني الشكلي. ورأت أن لحظة إعادة الهيكلة السياسية في المغرب لن تكتمل دون إصلاح عميق للنظام الحزبي، بحيث يتم الانتقال من كثرة عددية لكيانات بلا تأثير، إلى قلة نوعية من القوى السياسية القادرة على المبادرة والفعل.

وختمت الدراسة بتحذير من أن استمرار منطق إعادة إنتاج نفس المنظومة الحزبية، دون غربلة جادة، سيؤدي إلى مزيد من فقدان الثقة الشعبية في السياسة، وإلى إضعاف قدرة المؤسسات المنتخبة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى أحزاب حقيقية قادرة على بناء تعاقد سياسي جديد مع المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى