الأزمة المائية في المغرب تتطلب تظافر مزيد من الجهود (تقرير)

فاطمة الزهراء ايت ناصر: صحافية متدربة

كشف المجلس الأعلى للحسابات أن المغرب يواجه تحديات كبيرة في مجال المياه، حيث أصبحت إشكالية الإجهاد المائي من أبرز القضايا التي تؤثر على التنمية المستدامة. ويشهد المغرب تراجعًا مستمرًا في معدل نصيب الفرد من المياه الطبيعية، الذي انخفض من 2.560 متر مكعب في سنة 1960 إلى 606 متر مكعب في سنة 2024، وهو ما يقل عن العتبة العالمية التي تحدد نقص المياه عند 1.000 متر مكعب للفرد سنويًا. ويُضاف إلى هذه التحديات التأثيرات المتزايدة للتغيرات المناخية، التي أدت إلى سنوات جفاف متتالية أثرت بشكل كبير على الموارد المائية.

استراتيجيات وطنية لمواجهة نقص المياه

وحسب التقرير المجلس الأعلى للحسابات  فإن المغرب منذ فجر الاستقلال، اتبع سياسات مائية استباقية لتعزيز قدرته على تأمين المياه، حيث تمكن من بناء 154 سدًا كبيرًا بسعة إجمالية تبلغ 20.7 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى منشآت لتحويل المياه وتحلية مياه البحر. لكن بالرغم من هذه الجهود، تفاقمت الوضعية بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة نتيجة لتوالي سنوات الجفاف الحادة، حيث بلغت نسب العجز في الواردات المائية 83% في بعض السنوات.

البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027

وأطلق المغرب في بداية سنة 2020 البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي يهدف إلى توفير المياه من خلال مشاريع كبيرة مثل بناء السدود وتحلية المياه، مع التركيز على ترشيد استخدام المياه في القطاع الزراعي. ومن بين أهداف البرنامج هو تعزيز الاستدامة البيئية من خلال إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة وتحقيق تحكم أفضل في توزيع المياه بين المدن والمناطق القروية.

التحديات في القطاع الزراعي

ويعد القطاع الزراعي، الذي يشكل 12% من الناتج الداخلي الخام في المغرب، من أكبر مستهلكي المياه ويعتمد هذا القطاع بشكل كبير على الري، ويعاني من تحديات مستمرة في تأمين المياه اللازمة، خاصة في ظل تغير المناخ. ولهذا السبب، يعد التحول إلى نظام الري الموضعي من الأولويات، حيث بلغ حجم المساحة المزروعة بنظام الري الموضعي 794 ألف هكتار بنهاية سنة 2023، وهو ما يمثل حوالي 50% من إجمالي المساحة المسقية.

تحلية المياه

حسب التقرير منذ بداية برنامج 2020-2027، انتقل عدد محطات تحلية المياه من 8 محطات إلى 15، بطاقة إنتاجية تصل إلى 192 مليون متر مكعب سنويًا. وتستهدف مشاريع تحلية المياه تأمين إمدادات المياه الصالحة للشرب ومياه الري، إلى جانب حماية الموارد المائية الجوفية.

إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة

وتعد إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة من الوسائل الفعالة لتقليص الضغط على الموارد المائية التقليدية. ويشمل البرنامج الوطني 87 مشروعًا لإعادة استعمال المياه المعالجة، خاصة في سقي المساحات الخضراء والأنشطة الصناعية، ويهدف إلى إعادة استخدام 100 مليون متر مكعب سنويًا بحلول 2027.

مشروع ربط الأحواض المائية

من أبرز المشاريع الوطنية لمواجهة التوزيع غير المتوازن للموارد المائية هو مشروع ربط الأحواض المائية. يهدف إلى نقل المياه من الأحواض ذات الفائض إلى الأحواض التي تعاني من العجز، بهدف تحقيق توزيع أكثر عدلاً للموارد المائية في المملكة. وقد تم بالفعل إنجاز الجزء الأول من هذا المشروع الذي يربط حوضي سبو وأبي رقراق، ومن المتوقع أن يساهم في تأمين إمدادات المياه للمدن الكبرى والأراضي الزراعية.

إشكاليات وتحديات 

وتطرق تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى عدة إشكاليات تتعلق بإدارة الموارد المائية في المغرب، ومنها  التأخير في إنجاز بعض السدود الكبرى المقررة ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2027-2020، مثل سد مداز وسد تاركا أومادي، بسبب فسخ صفقات الأشغال. هذا التأخير أثر على القدرة التخزينية للموارد المائية في المملكة.

واستنزاف المياه الجوفية جراء التوسع في المساحات المسقية التي تعتمد على الموارد المائية الجوفية، مما يفاقم المشكلة بسبب الإفراط في استغلال المياه الجوفية. ومشاكل في شبكة نقل المياه من السدود حيث أشار المجلس إلى إمكانية تحسين أداء قنوات نقل المياه من السدود إلى المدارات السقوية، ما سيتيح توفير كميات كبيرة من المياه قد تصل إلى 400 مليون متر مكعب سنويًا.

وتحديات إعادة استعمال المياه العادمة فبالرغم من التقدم في هذا المجال، إلا أن  استخدام المياه العادمة المعالجة لا يزال محدودًا في الفلاحة بسبب غياب معايير واضحة تحدد خصائص جودة المياه العادمة المعاد استعمالها في هذا القطاع.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى