الأوتوقراطية السياسية بالمغرب و اثرها على المشهد السياسي
بقلم: الرحالي عبد الغفور
في المشهد السياسي المغربي، تبرز ظاهرة مقلقة تتمثل في سعي بعض الشخصيات السياسية البارزة إلى التفرد بالسلطة والتحول نحو الأوتوقراطية داخل أحزابهم. هذه الممارسات تشكل تحديًا خطيرًا للديمقراطية وتهدد بتكريس الاستبداد والانفراد بالقرار.
إن حين تسلمت هذه الشخصيات السياسية البارزة السلطة داخل أحزابهم، كانت سببًا كبيرًا في انتشار الأزمات والمشكلات. فبدلاً من تعزيز الديمقراطية وتمكين الأعضاء من المشاركة الفعالة في صنع القرار، سعت هذه الشخصيات إلى التحكم المطلق في مقاليد الحزب وإقصاء كل من يعارضهم. هذا الاتجاه نحو الأوتوقراطية يتنافى مع مبادئ الحزب السياسي كمؤسسة ديمقراطية تمثل مختلف التوجهات والفئات داخل المجتمع.
إن تركيز السلطة في يد شخص واحد أو مجموعة محدودة داخل الحزب ينتج عنه العديد من الآثار السلبية على الحزب والمجتمع ككل. فهذا الوضع يؤدي إلى ضعف المساءلة والشفافية، حيث يصبح الحزب مغلقًا على نفسه ولا يخضع لرقابة أعضائه أو الرأي العام. كما يؤدي إلى تهميش الكفاءات والخبرات، إذ يتم إقصاء الأعضاء المؤهلين والمتميزين لصالح أتباع الشخصية المهيمنة. وبالتالي، يترتب على ذلك تراجع الأداء الحزبي نتيجة لغياب الديمقراطية والحوار البناء، مما يؤثر سلبًا على قدرة الحزب على تقديم البرامج والحلول الناجعة. وفي النهاية، يؤدي هذا الوضع إلى تآكل الثقة الشعبية، حيث يفقد الحزب مصداقيته وشرعيته لدى الناخبين بسبب ممارساته الاستبدادية.
لمعالجة هذه الإشكالية، يتعين على الأحزاب السياسية اتخاذ مجموعة من الإجراءات الجادة والحاسمة، بما في ذلك تعزيز الديمقراطية الداخلية من خلال تفعيل آليات المشاركة والحوار والمساءلة داخل الحزب، وتعزيز دور المؤسسات الحزبية بما يضمن توزيع السلطة والمسؤوليات على مختلف الهيئات والمنظمات. كما يجب تطوير آليات الاختيار والترشيح لضمان تمثيل مختلف التوجهات والكفاءات داخل الحزب، وتعزيز الشفافية والنزاهة من خلال إتاحة المعلومات للأعضاء والرأي العام وتطبيق معايير الحكامة الجيدة.
إن تحقيق هذه الإصلاحات سيساهم في تعزيز الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية وصيانة دورها كفضاء للتعبير عن تنوع الآراء والتوجهات. وهذا بدوره سيعزز ثقة المواطنين في المشهد السياسي ويساعد على تقديم البدائل الحقيقية لمعالجة قضايا المجتمع.
* الكاتب و المحلل السياسي