التامني تفضح “لغة الخشب”: البرلمان تحوّل إلى منصة دفاع عن الحكومة بدل مساءلتها

حسين العياشي

عبّرت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، في حوار تلفزيوني، عن استياء واضح من طبيعة الأجوبة التي تقدمها الحكومة على الأسئلة البرلمانية، معتبرة أن جزءًا كبيرًا منها لا ينسجم مع جوهر الإشكالات التي يعيشها المواطنون، ولا يعكس مستوى المسؤولية المفترض في مؤسسة تنفيذية يفترض فيها أن تخاطب ممثلي الأمة بدقة ووضوح.

التامني شدّدت على أن طرح السؤال البرلماني ليس ترفًا سياسياً ولا مناسبة لتبادل الشعارات، بل هو ثمرة قراءة معمّقة للواقع وتفاعل مباشر مع المواطنين، وفهم دقيق للظروف الميدانية التي تصنع جوهر السياسات العمومية. ومن هذا المنطلق، ترى أن السؤال ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو مدخل لكشف الاختلالات ودفع الحكومة إلى مواجهة الحقائق دون تجميل أو مواربة.

لكن الصورة، بحسب تعبيرها، لا تبدو مطمئنة. فالكثير من الأجوبة الحكومية جاءت، في نظرها، مرتبكة، متناقضة أحيانًا، أو خارجة تماماً عن سياق السؤال، وكأنها مكتوبة على عجل أو مصاغة لغايات أخرى غير إقناع البرلمان والرأي العام.

بعض هذه الردود، تقول التامني، لا يقدم حلًا ولا يشرح واقعًا، بل يضيف طبقة جديدة من الضبابية، ويتجاوز جوهر الإشكالات إلى حديث فضفاض عن الإنجازات والمؤسسات، دون أن يمسّ مشكلات التعليم والصحة والشغل التي تشكل ثقل الحياة اليومية للمغاربة.

هذا الوضع، في رأيها، يسهم بشكل مباشر في تعميق أزمة الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم. فحين تتحول الأجوبة إلى مجرد شعارات سياسية، ويتحوّل التفاعل البرلماني إلى مسرح للمزايدات، يفقد النقاش معناه، ويتراجع الدور الرقابي لصالح منطق التبرير. الأخطر من ذلك، كما تضيف، هو تحوّل بعض النواب داخل الأغلبية إلى ما يشبه “محامي الحكومة”، منشغلين بالدفاع عن اختياراتها بدل مساءلتها، في انحراف واضح عن جوهر التمثيل البرلماني وروحه.

وترى التامني أن وظيفة البرلماني ليست التصفيق للحكومة ولا مشاركتها لغتها، بل البحث عن الحقيقة وتقديم نقد بنّاء يستند إلى الحجة والدليل. وهذا يتطلب أن تكون الأجوبة الحكومية دقيقة، معلّلة، ومفتوحة على النقاش الحقيقي، لا أن تكون مجرد خطابات سياسية تُستعمل لتسكين الجدل عوض توجيهه نحو الحلول.

وفي ختام موقفها، دعت إلى ضرورة التحلي بالشجاعة السياسية من الطرفين، حكومة وبرلمانًا، من أجل إعادة الاعتبار للنقاش الجاد داخل المؤسسات. فالإصلاح، كما تقول، لا يبدأ بالشعارات، بل بجرأة الاعتراف بالمشكلات أولاً، والانخراط في مسار إيجاد حلول واقعية لها، بما يخدم المصلحة العامة ويعيد للمواطن ثقته في المؤسسات التي تمثله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى