الدرهم الرقمي خطوة نحو اقتصاد رقمي آمن وشامل

حسين العياشي: صحافي متدرب

يستعد بنك المغرب لإطلاق أول عملة رقمية في تاريخ البلاد، المعروفة باسم “الدرهم الرقمي”، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز النظام المالي وتحديثه، يأتي هذا المشروع في إطار استراتيجية بنك المغرب لتقليل الاعتماد على النقد التقليدي، الذي لا يزال يمثل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من بين أعلى النسب في العالم.

بخلاف العملات المشفرة مثل “البيتكوين”، يُعتبر الدرهم الرقمي عملة رقمية مركزية (CBDC) يصدرها ويديرها بنك المغرب، مما يضمن استقرارها ويحد من المضاربات العالية المرتبطة بالعملات اللامركزية، مما سيسهم في تعزيز الشمول المالي، من خلال تبسيط المعاملات المالية وتقليل المخاطر المرتبطة بالنقد المادي، مثل السرقة أو الفقدان.

في حالة نجاح إطلاق الدرهم الرقمي، يتوقع بنك المغرب أن يكون لذلك تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المغربي، مثل تقليل كمية النقد المتداول وزيادة الأمان في المعاملات التجارية، كما قد يساهم في مكافحة الفساد والتهرب الضريبي بفضل سهولة تتبع المدفوعات الرقمية.

هذا المشروع يضع المغرب ضمن قائمة الدول التي تستكشف العملات الرقمية للبنوك المركزية، مثل نيجيريا والباهاماس، مما يعكس الرغبة العالمية في تبني الابتكار المالي لتعزيز الشفافية والشمولية في الاقتصاد.

لكن هذه الرغبة في تبني الرقمنة، تصاحبها مخاوف “الهلع المصرفي” التي تظهر كلما طُرحت فكرة جديدة تتعلق بالنقد، ويبدو أن تلك المخاوف عادت للواجهة، خاصة مع تزايد الحديث حول قرب إطلاق الدرهم الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُذكر أن جهودًا سابقة مثل المحافظ الرقمية لم تحقق النجاح المطلوب بسبب انعدام الثقة في الأنظمة الرقمية من قبل المواطن.

كما أن هذا التطور دفع البعض للتكهن بأن العملة المادية على وشك الانقراض، غير أن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، سعى لطمأنت الرأي العام خلال آخر اجتماع للمجلس الإداري للبنك المركزي، حيث أكد أنه تم اتخاذ خطوة أولى في توضيح التوقعات المرتبطة بالدرهم الإلكتروني، كما أوضح أن هناك ضرورة لدراسة تأثيره على الشمولية المالية والخدمات المصرفية، خصوصاً بالنسبة للفئات الهشة.

ويُقدّر اليوم، وجود أكثر من 5,000 عملة رقمية، أبرزها البيتكوين، والـ”فيسبوك كريديتس”، والـ”ليندن دولارز”، والإيثر، على الرغم من انتشار هذه العملات، إلا أنها تُعد نشاطًا غير منظم في المغرب.

في السياق نفسه، نبهت وزارة الاقتصاد والمالية، وبنك المغرب، والهيئة المغربية لسوق الرساميل المواطنين إلى المخاطر المترتبة على استخدامها، حيث لا توجد لوائح تنظيمية تغطي خسائر المستخدمين في حالة انهيار منصات التداول.

إضافة لذلك، لا تتوفر العملات الرقمية على تشريعات تحمي المستخدمين فيما يتعلق بالمعاملات التي تتم باستخدامها، خاصة في حالة السرقة أو الاحتيال، إضافة إلى ما تشهده أسعار العملات الرقمية من تغيرات حادة وغير متوقعة، ما يزيد من مخاطر خسارة المستثمرين،كما يفتح هذا المجال إمكانية استخدام هذه العملات في أنشطة غير مشروعة، مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما حاول بنك المغرب معالجته من خلال الدرهم الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى