الشباب والسياسة.. من العزوف إلى الحضور الفعال بفضل الرؤية الملكية المتبصرة!

ذ.علـي أگــرام – الكاتب العام للمنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة
في لحظة فارقة من مسار البناء الديمقراطي الوطني، تبرز الرؤية الملكية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، كمناوة مضيئة تقود الجيل الجديد نحو المشاركة السياسية الفعالة. فحين وجه جلالته دعوته السامية إلى تشجيع الشباب دون سن الخامسة والثلاثين على ولوج الحقل السياسي، سواء في إطار التزكية الحزبية أو خارجها، كان يؤسس لمرحلة جديدة تعيد الثقة وتجدد الأمل في طاقات الوطن.
لقد جاءت هذه المبادرة الملكية لتصحح مسارا طالما شابته الفجوة بين الشباب والسياسة، ولتؤكد أن العزوف عن المشاركة لم يكن دليلا على اللامبالاة، بل على الحاجة إلى الثقة في جدوى العمل السياسي. واليوم، تفتح الأبواب أمام طاقات شابة قادرة على تقديم نموذج جديد في الممارسة السياسية، عنوانه الكفاءة، والمصداقية، وروح المبادرة.
إن تخصيص دعم مالي يغطي ما يصل إلى 75% من مصاريف الحملات الانتخابية للمترشحين الشباب، يمثل تحولا نوعيا في فلسفة المشاركة السياسية بالمغرب، إذ يرفع الحواجز المادية التي طالما أقصت الكفاءات الشابة، ويجعل من السياسة مجالا مفتوحا أمام الطاقات المبدعة لا أمام أصحاب النفوذ. إنها خطوة تؤسس لمبدأ تكافؤ الفرص في العمل السياسي، وتجعل من الكفاءة معيار الترشح، لا القدرة المادية.
هذه الرؤية السامية ليست إجراء ظرفيا، بل امتداد لمسار ملكي متكامل، وضع الإنسان – وخاصة الشباب – في صميم التنمية. فمن التعليم والتكوين والتشغيل إلى التشجيع على ريادة الأعمال، وصولا اليوم إلى التمكين السياسي، يواصل جلالة الملك نصره الله تثبيت أسس مغرب المستقبل: مغرب يؤمن بشبابه ويمنحهم مفاتيح الغد بثقة ومسؤولية.
وفي هذا السياق، يبرز دور الأحزاب السياسية كفاعل أساسي في تنزيل هذه التوجيهات، من خلال إعادة هيكلة تنظيماتها، وتجديد نخبها، وفتح المجال أمام الطاقات الشابة لتتحمل مسؤوليتها داخل المؤسسات المنتخبة. كما أن على المجتمع المدني والإعلام الوطني أن يواكبا هذه الدينامية بتأطيرٍ إيجابي وتحفيزٍ مستمر، حتى تترجم هذه الرؤية الملكية إلى واقع ملموس في السلوك السياسي اليومي.
لقد آن الأوان لأن ينتقل شباب المغرب من موقع المراقب إلى موقع الفاعل، ومن ثقافة الانتظار إلى ثقافة المبادرة، ومن العزوف إلى الحضور البناء. فالمستقبل لا يمنح، بل يصنع بالإرادة، والالتزام، والوعي بأن خدمة الوطن شرف ومسؤولية.
فيمكن القول إن الرؤية الملكية المتبصرة لم تفتح فقط أبواب السياسة أمام الشباب، بل أعادت تعريف معنى المواطنة السياسية في مغرب اليوم. إنها دعوة إلى الجيل الجديد ليكون شريكا في البناء الديمقراطي، وحارسا لقيم النزاهة، وصوتا للثقة في المستقبل. فحين يؤمن القائد بشبابه، لا حدود لما يمكن أن يحققه الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى