الصحافة مرجع الثقة.. والتأثير جسر الوصول: معادلة التواصل الجديدة في المغرب (دراسة)

حسين العياشي

تكشف دراسة حديثة أنجزتها وكالة (كوم ألونغ – Com’Along) عن تحوّل جوهري في مشهد التواصل بالمغرب: المزج بين العلاقات الصحفية والتسويق عبر المؤثرين لم يعد خيارًا تجريبيًا، بل أصبح الصيغة الأكثر نجاعة لبناء صورة العلامات التجارية والتأثير في الرأي العام. هذا ما تؤكده معطيات ميدانية ونوعية قادتها الوكالة بعد رصد تفاعلات الجمهور المغربي مع الإعلام التقليدي وصنّاع المحتوى ومسارات تلقي الرسائل.

تبيّن الدراسة تغيّرًا ملحوظًا في سلوك الاستقبال؛ إذ أفاد 51.7% من المستجوبين بأن الحملات التي تجمع بين العلاقات الصحفية والتأثير الرقمي أشد وقعًا عليهم من غيرها، مقابل احتفاظ الصحافة التقليدية بمكانتها كمصدر المعلومات الأكثر موثوقية لدى 92.8% منهم.

وعلى مستوى الفئات العمرية، تميل الفئة بين 18 و34 عامًا إلى تفضيل تأثير المؤثرين بشكل واضح، بينما يظل المهنيون وكبار السن أقرب إلى المقاربات المؤسسية أو الصيغ الهجينة التي تمزج بين القنوات.

وتقترح الدراسة خريطة قطاعية دقيقة تعيد توزيع الأدوار: فالصحافة تواصل تصدّر المشهد في قطاعات حساسة مثل البنوك والصحة والتعليم، حيث تتقدّم المصداقية والصرامة التحريرية على باقي الاعتبارات.

في المقابل، يتعزّز نفوذ التأثير في مجالات الموضة والجمال والسياحة، لما تتطلّبه من قرب وجداني وسرد بصري سريع الإيقاع. أمّا الاستراتيجيات الهجينة فتسجّل تقدّمًا لافتًا في الصناعات الغذائية والعقار والتكنولوجيا وقطاع العناية والجمال-الصحي، مستفيدة من الجمع بين قوة الاعتماد الصحفي ومرونة المنصّات الاجتماعية.

يتجاوز أثر هذه النتائج حدود الأرقام إلى إعادة تعريف دور المشتغلين بالتواصل. فالعلامات المغربية مخاطَبة اليوم باعتماد هندسة اتصالية متماسكة توفّق بين حضور صحفي راسخ وصوت مؤثّر نابض على المنصّات، استجابةً لجمهور متعدّد القنوات، مرتفع التطلّعات، ويبحث عن خطاب صادق ومقنع.

الخلاصة واضحة: المستقبل لمن يحسن هذا المزج الذكي، حيث تصبح الصحافة رافعة الموثوقية، ويغدو التأثير جسر الوصول والانخراط، وتولد الرسالة الواحدة أكثر قوةً حين تتكامل روافعها بدل أن تتنازعها القنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى